رنا حايك

دومينيك سعيدة. كذلك كريستين ولوري ونونا وسالي وتيما... كلهن سعيدات بانطلاقة قناة “فاشن.تي.في أرابيا” في بيروت منذ آذار الماضي. تراقصت دومينيك أمام الشاشة، واختالت بعريها الجذاب خلال حفلة توقيع أسطوانتها الجديدة: “عتريس”. وقالت للمذيعة: “نحن سعداء جداً لأنكم هنا في البلاد العربية. كنا ننتظركم منذ زمن طويل”. لكن جملة دومينيك كانت الجملة العربية الوحيدة التي تخللت بث القناة الموجهة إلى العالم العربي. أما مداخلات زميلاتها التي تركّزت على عشقهن للقناة فكانت جميعها بالإنكليزية، ومن دون ترجمة في أسفل الشاشة.
اللغة العربية ليست العنصر الوحيد الغائب عن القناة. فهي تقدم، في شكل متواصل، عروض أزياء لكبار المصممين من مختلف الجنسيات. لم يطلّ بين هذه العروض أي مصمم عربي، إلا في ما ندر. علماً أن أسماء عربية حققت حضوراً قوياً على مستوى العالم في مجال تصميم الأزياء، واستقبلت عاصمتا الأناقة باريس وميلانو بعضهم استقبال الفاتحين. حتى الموسيقى التي ترافق العروض خلت من الأنغام العربية، ما عدا نصف دقيقة من أغنية “قدّك المياس” التي اخترقت بخفر المناخ الغربي، لترافق عرضاً للمايوهات. هناك أيضاً نصف دقيقة انتزعتها أغنية “يا ما شاء الله عليك” الخليجية خلال عرض للمصمم الشهير جورجيو أرماني. عندما أطلقت شركة “هاريس” الأميركية، صاحبة قناة “فاشن تي في” العالمية، محطتها الجديدة الموجهة إلى جمهور العالم العربي، كانت تريد ــ حسب إعلانها الترويجي ــ إيجاد مكان يلتقي فيه الغرب مع الشرق، إلا أن القناة أضاعت حدود العالمين، فـ“زحف” الغرب واحتل المساحة الأكبر من الشاشة. “الغرب” يتجلى في كل منتج يعرض على الهواء، بينما يحتل الشرق (ممثلاً ببيروت) مساحة الاستهلاك، من المصممين الغربيين إلى الفعاليات والنشاطات التي تحرص القناة على تغطيتها. أما أبطال هذه الشاشة فهم رواد الحانات الليلية وحفلات الشاطئ في لبنان. هؤلاء يشتركون بأنشطة حصرية بالقناة، تهدف إلى الرقص والاستمتاع.
صورة حقيقية؟
صورة بيروت التي تتحدث عنها القناة، التي طالما اشتهرت بتصديرها للموضة وليس استيرادها فقط، تشكل مدعاة فخر للمغني الصاعد وسام حنا الذي قال للمذيعة: “وجودكم مهم... أنتم تركتم بصمة كبيرة في الوطن العربي قبل مجيئكم إلينا. وها هي شاشتكم تنقل إلى العالم الصورة الحقيقية لبيروت: مدينة التراث والجمال”. الحماسة تجاه “صورة بيروت” تسمح للمذيعة العربية بارتكاب بعض الأخطاء. وها هي تتغاضى عن تصحيح معلومات المصمم الكبير جان فرانكو فيرري الذي يجيبها حين تسأله عن البلاد العربية قائلاً: “إنه بلد مهم”. قريباً من توما، يقف فادي قطايا، اختصاصي التجميل في محلات “باتشي أي لوتشي” لتصفيف الشعر. تسأل المذيعة اللبنانية قطايا عن تأثير البحر في الشعر، ويخفى عليها أن تسأله عن تأثير اليورانيوم فيه. غضت المذيعة الطرف عن “اليورانيوم” لأنها تتوجه إلى جمهور قناة ترفيهية، ومن حقها أيضاً أن تتجاهل ما حدث في لبنان خلال الشهر الماضي!
إعلان المحطة يدعو الجمهور إلى “الكشف عن ذاته”... إلا أن جولة سريعة على برامج “فاشن تي في أرابيا” توضح أن هذا “الكشف” ليس سوى كشف عن الأجساد!