علي زراقط
بعد ثلاث سنوات من المخاض، خرج الجبل من رحم الفأر فيلماً مليئاً بالتوابل سماه صاحبه “فلافل”. إن كان الجبل هو الفيلم الروائي الطويل الأول لميشال كمون، فإن الفأر هو بلا شك هذه السينما اللبنانية التي تتلمس خطواتها كـ“جيري” فأراً صغيراً يهرب من “طوم” (المصاعب) الهر الكبير الذي يتربّص بها عند كل منعطف.
تفتتح “أيام بيروت السينمائية” دورتها الرابعة، السبت المقبل، بالعرض العالمي الأول لفيلم “فلافل” باكورة هذا السينمائي الشاب (في مجال السينما الروائية الطويلة) التي ننتظرها منذ ثلاث سنوات.
توفيق بطل “فلافل” شاب لبناني، يعيش بين العائلة والأصدقاء والحب، يسعى للغوص في الحياة، وبلوغ النشوة التي تجمع بين المتعة والعاطفة، إيماناً منه بأن كل ثانية تمر هي الأفضل والأهم في حياته. لكنه سرعان ما يكتشف أن العيش بطريقة طبيعية، في هذا البلد، أمر شبه مستحيل. فبعد مرور 15 عاماً على انتهاء الحرب، لا يزال البركان قابعاً في زوايا المدينة كقنبلة قد تنفجر في أية لحظة...
يمكننا أن ننتظر من الفيلم أن يمنحنا نموذجاً عن شخصية الشاب اللبناني الطموح الذي يعيش على فوهة بركان كما تعيش السينما اللبنانية على هذه الفوهة. ها نحن نتذكر كيف وقفت الحرب الأخيرة حجر عثرة أمام عدد من المشاريع السينمائية الشابة مثل فيلم “يا نوسو” لإيلي خليفة، أو فيلم “سكر بنات” للمخرجة نادين لبكي.
إذ تختار “أيام بيروت” افتتاح دورتها الحالية ـ وهي تشكل أول مهرجان ثقافي بعد العدوان الإسرائيلي ـ بفيلم كمون الجديد، تطرح علينا سؤالاً شائكاً : هل السينما اللبنانية قادرة اليوم على “انجاب” جبل سينمائي جديد، حين يتخبط الرواد في معركة ضارية من أجل الوجود؟ أما زال الرهان ممكناً على مستقبل السينما؟ هل يكون فنّ الفيديو هو المخرج؟