خالد صاغيّة
فاجأ الرئيس فؤاد السنيورة المواطنين اللبنانيين، أو أنّ الحياة، ربّما، هي التي فاجأته. أوهمنا لبعض الوقت، بنبرته وابتساماته ودموعه، أنّه ينتمي إلى زمن عبد الحليم حافظ. وإذا به يبدو من هواة أفلام الإثارة و«الأكشن». تلك الأفلام التي ينطلق فيها البطل، مدجَّجاً بأزرار إلكترونية، لتنفيذ مهمّة «إنسانية» لا ينتهي الفيلم إلا مع إنجازها.
ينتمي السنيورة إذاً إلى زمن طوني بلير. ذلك الزمن الذي يُظهر فيه القادة حماسة للحروب، ورفضاً لوقف إطلاق النار قبل إنجاز «المهمّة». هذا ما فعلته كوندوليزا رايس. وهذا ما تحمّس له بلير. بعد قانا الثانية، ألغيت زيارة الأولى. أمّا اليوم، فلم تُؤجّل الزيارة أو تلغى.
فالولع بأفلام «الأكشن» جعل الرئيس السنيورة متطلّباً. وهو تطلّب لا يمكن لشعبه أن يلبّيه دائماً. فأهل الجنوب لا يستطيعون تقديم مجزرة كلّ يوم. ومن حقّهم أن يتساءلوا كم يدوم مفعول المجزرة السابقة بالنسبة لرئيس حكومتهم؟ ماذا لو ارتكبت مجزرة قبل يومين؟ ماذا لو ارتكبت قبل أسبوع، أو قبل شهر؟
من حقّ رئيس الحكومة ألا يحبّذ سياسة الحزب الذي يمثّل المواطنين الذين خسروا بيوتهم وأحبّاءهم. من حقّه، ربّما، ألّا يعتبر العدوان الأخير حرباً على لبنان وشعبه، إنّما عمليّة ضدّ جسم ملتبس الهوية يدعى «حزب الله»، صودف مروره على الأراضي اللبنانية لحظة العدوان. من حقّه كلّ ذلك. لكنّ أحداً لا يمكنه اعتبار الجرائم بحقّ الإنسانية معلّبات، قد ينتهي يوماً تاريخ صلاحيّتها.