عرضت «العربية» أخيراً وثائقي «الحلقة المفقودة» الذي سلّط الضوء على الثُغَر الموجودة في التقرير الرسمي لاعتداءات 11 أيلول. فهل يحرّك الفيلم الرأي العام العربي، بعدما أثار جدلاً واسعاً في صفوف الأميركيين؟
نور خالد

هل تعرفون ويلي رودريكوس؟ إنه حارس في برج التجارة الشمالي النيويوركي الذي دكّه الإرهابيون قبل خمس سنوات مع شقيقه الجنوبي، في واحدة من أكبر عمليات الإرهاب في التاريخ الحديث. لكن رودريكوس لا يتفق مع تلك «الديباجة». هو يقول إن القنابل كانت مزروعة في المبنى الذي انهار في تسع ثوان بعدما ثقبت طائرة جدرانه الفولاذية. تصريحات جاءت في حديث الى فريق بحث صحافي عمل بجهد لتوليف فيلم وثائقي بعنوان «الحلقة المفقودة»، عرضته قناة «العربية» أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين. ما قاله، على أهميته، يبدو باهتاً قياساً الى مئات الأدلة والبراهين الموثقة والمسلسلة بدقة متناهية، وكانت تحشو الشريط، في طريقة تجعلك لا تقفل فاك أبداً وأنت تشاهده.

نعم، الطائرة 93 التي قيل إنها هبطت اضطرارياً قبل أن تحط على سطح البيت الأبيض وتدمره، في ذلك الصباح الأسود من تاريخ أميركا، لم تصل مطلقاً الى حديقة الرئيس. لقد كانت قابعة في مطار آخر أخلي بالكامل لاستقبالها في شكل سري. كتبت «واشنطن بوست»: “لا وجود لطائرة، يبدو الأمر كأن حفرة دفنت فيها نفايات على عجل». لكن الطائرة اكتشفت بعد سنتين في مطار إحدى الولايات. عرفها الخبراء من الرقم المنحوت على ذيلها.
على مدى أكثر من 20 دقيقة، يفنّد الشريط الوثائقي المزاعم المتعلقة بوجود طائرة اخترقت أيضاً جدار البنتاغون، والخلاصة: لا طائرة، إنه صاروخ أُطلق من مكان ما. حسناً، ماذا عن طائرتي البرجين والخاطفين؟ الصناديق السوداء اختفت، والمكالمة الشهيرة التي أجراها مواطن أميركي مع أمه، وهو معلق بين الحياة والموت، لم تكن مقنعة.
يقول الشاب في اتصاله: “أمي، أنا مارك بيكير. أحادثك من الجو، هل تصدقينني؟».
«نعم يا مارك، أصدقك، من هم الخاطفون؟»...
بلهجة لاذعة ميزت التعليق في الوثائقي الذي امتد لأكثر من ساعة، يقول المحرر: “بالله عليكم، هل سمعتم أحداً يخاطب أمه بهذه الطريقة من قبل». ثم يمضي بنا لاستعراض قصص الخاطفين: وليد الشهري كان على الطائرة، وفي الدار البيضاء في الوقت عينه، عبد العزيز العماري كان يقبع هانئاً في بيته في السعودية، ظناً منه أن جوازه الذي فقده يوماً في الولايات المتحدة وهو يدرس الهندسة، قد ابتلعه البحر وليس ملفات الـ “سي آي ايه». ثمانية على الأقل من المتهمين كانوا أحياء يرزقون، لم تأكلهم نيران الطائرة الإرهابية، لأنهم ببساطة لم يكونوا على متنها.
حسناً، ماذا عن أصواتهم التي بثت للعالم أجمع؟ يذهب محققو «الحلقة المفقودة» الى نيو مكسيكو عام 1995، وتحديداً الى ذلك المعدّ الذي أعلن عن ابتكاره تقنية ناجحة لاستنساخ الأصوات. وقد جربت التقنية بنجاح بعد التمكن من استنساخ صوت كولن باول، وزير الخارجية الأميركي آنذاك، وهو يقول: “خطفت على متن طائرة لكنهم يعاملونني جيداً»!
واستناداً الى تنقيب كثيف في آلاف الوثائق التلفزيونية والصحافية المكتوبة التي ظهرت منذ اللحظات الأولى لتفجيرات 11 أيلول، وتحديداً ما تناقلته وسائل الإعلام الأميركية، يظهر الوثائقي التخبط في المعلومات التي يدلي بها المسؤولون الرسميون من جهة، والصحافيون والخبراء من جهة أخرى. الإطفائيون سجلوا شهادات حية عن انفجارات وقعت في المبنى، وهم في داخله، قبل أن ينهار. أتلفت تلك الشرائط. مخزن الذهب الكويتي الذي كان في أسفل البرج، نقل قبل الحادثة بأيام. الومضات التي ظهرت من المبنى قبل انهياره لا تشبه إلا تلك التي تنبعث من الأبنية وقت تدميرها بالمتفجرات. الشريط يعرض عشرات الأمثلة عن سيرة الأبنية المهدمة. المضيفة التي ادعت من الطائرة أن هناك قتلى وجرحى ودماء أمامها، لم يخالج صوتها أي نبرة قلق... الفولاذ المنصهر الذي وجد في بؤر في ممرات المصاعد كان لا يزال موجوداً بعد شهر على الانهيار. موظفو البرج تحدثوا عن أزيز المفارز الذي صدعهم قبل أسبوعين من الحادث من دون أن يعرفوا ماذا يحدث بالضبط. فرقة التدمير هي الوحيدة التي سمح لها بالدخول الى «المنطقة صفر» بعد انهيار البرج...
«الحلقة المفقودة» وثائقي محنّك، يطرح مدى قدرة الإعلام على إعادة صياغة التاريخ ، مع قليل من التقصي وكثـــــير من الحرية، كــــما حرّض بجرأة على طرح الأسئلة المشككة التي تســــتدعي ديكــــــارت مرة أخرى، ليتضح لـــــنا أن ماركو بولو لم يذهب الى الصين وبن لادن لم يذهب الى نيويورك.
تجدر الاشارة الى أنّ قناة «العربية» وضمن المواكبة الإعلامية الخاصة بإحياء ذكرى اعتداءات 11 أيلول 2001، انفردت بعرض سلسلة منوعّة من الأفلام الوثائقية التي تؤرّخ للكارثة. وهكذا عرضت فيلم «11 سبتمبر: اليوم الذي تغير فيه العالم» و«خلية هامبورغ» اللذين يتطرّقا الى الأسباب النفسية والاجتماعية التي دفعت منفّذي الاعتداءات إلى الإقدام على فعلتهم، وفيلم «مهمة مستحيلة» الذي صوّر محاولات إنقاذ حيّة للذين حـــوصروا في البرج الأول قبل انهياره.


من هو «بن لادن»؟

لم تكن صدفة أن تختتم قناة «العربية» سلسلة أفلام «العالم بعد 11 سبتمبر» بوثائقي «الحلقة المفقودة».
فعدا البراهين والأدلّة التي بثّها الشريط، والتي تدحض حكايات أميركا عن وقائع الهجوم وأسبابه، يطرح أسئلة أساسية عن العدوّ الأول لبلاد العم سام... بن لادن.
يشير الشريط إلى أن بن لادن الذي ظهر في فيلم وزعه الأميركيون بعد أيام من الحادث، لم يكن بن لادن. فهو كان يدوّن شيئاً على الورقة بيده اليمنى، فيما ذكر مكتب التحقيق الفيدرالي «اف بي آي» في تقارير سابقة إنه أعسر. كان أيضاً يضع خاتماً ذهبياً في اصبعه، وهو ما يخالف الشريعة الاسلامية.
قال بن لادن في شريط الأميركيين إنه المسؤول عن أحداث 11 سبتمبر.
وكان قد أرسل «فاكساً» الى قناة «الجزيرة» يـــقول إن لا علاقة له بها.
أسئلة كثيرة يطرحها الوثائقي، لكنها تبقى معلّقة: من هو بن لادن بالضبط؟ وما هي أحداث 11 سبتمبر؟ وما هو ذلك التاريخ الذي خيضت على أساسه حروب الأميركيين، سافكةً الدم أينما حلّت؟