خالد صاغيّة
ثمّة نوّاب لا يتكلّمون، يُلامون لأنّهم لا يتكلّمون. وحين يتكلّمون، يتكلّمون كأنّهم لا يتكلّمون. فيُلامون لأنّهم يتكلّمون.
أحد هؤلاء قرّر أن يتكلّم أخيراً. فتفجّرت مواهبه دفعة واحدة. وتمكّن من صياغة جملة تضمّنت، في آن واحد، كلّ هذه المفردات: «الوقاحة»، «السفاهة»، «الكفر»، «الفجور»، «العهر»، «الحقد»، و«الكراهية».
لعلّ هذا التفجّر ليس نابعاً فقط من الاحتقان الناتج من طول صمت. نستطيع أن نضيف إلى ذلك الشعور بالعجز، لكون أيّ من الوعود الانتخابية التي أطلقها زعيم التيّار الذي ينتمى إليه النائب الكريم لم تتحقّق. نستطيع أن نضيف أيضاً الاضطراب النفسي جرّاء الانتقال السريع من إغداق الهدايا على ضباط المخابرات السورية، إلى الانضمام لمعسكر العداء لسوريا.
لكلّ هذه الأسباب مجتمعة، لجأ سعادة النائب إلى الكلام. ليست القصّة هنا. القصّة هي أنّ تلك المفردات السامية جاءت على لسانه في معرض انتقاده «الخطاب السياسي» الذي وصل، بحسب رأيه، «إلى أدنى المستويات».
بعد رفع هذا المستوى، جاء دور المديح. فنال «الرجل الكبير الصبور» فؤاد السنيورة نصيبه. لكنّ حصّة الأسد ذهبت إلى نبيه برّي. ذاك «الرجل الحكيم» الذي، بالمناسبة، حاولت كتلة النائب المذكور المستحيل لمنع انتخابه رئيساً للمجلس. جمع النائب الكريم صبر الأوّل وحكمة الثاني، واستنتج وجود «مدرسة» في السياسة دعا اللبنانيين إلى الانضمام إليها.
شتائم... فمديح... فتزلّف... فمديح. مدرسة جديدة يهديها نائب الأمّة لأبناء منطقته عكّار. تلك المنطقة التي تعاني فعلاً نقصاً في عدد المدارس.