افتتحت “أيام بيروت السينمائيّة” في موعدها المحدد منذ أشهر، وهذا بحدّ ذاته كاف لنقول إنها ربحت رهانها. كان يكفي أن ننظر، مساء السبت الماضي، الى تلك الصالة المزدحمة بالفنانين الشباب، وبالضيوف العرب والأوروبيين، كي نتأكد من ذلك. تحدثت هانية مروّة عن الرهانات الرابحة، وإليان الراهب عن السينما كشكل من أشكال المقاومة. وأبدى وزير الثقافة اللبناني طارق متري اعجابه بهذا الجيل المصرّ على خوض المغامرة. وجاء ارتباك ميشال كمّون مؤثراً، وهو يبحث عن ممثليه في الصالة ليدعوهم الى المنصّة، فإذا تخلّف أحدهم عن تلبية النداء، كان يستدرك: “نشالله ما يكون هاجر”. تساءلت مروّة: لماذا يستغرب بعضهم اقامة مهرجاننا في مثل هذه الظروف؟ كأن كل ما أنتجناه من قبل كان يتمّ في ظروف طبيعية، في ظل وجود مال وفير! وتوقفت الراهب عند الخرائط التي تتغيّر في فلسطين والعراق. وحذرت من فخ التمويل الغربي: نريد أن ننتج أفلاماً تحكي عن تجاربنا وتتوجّه الى جمهورنا... لا أفلاماً للتصدير. وعرضت “رسالة الفيديو” التي أنتجتها ووزعتها عبر الانترنت جماعة “بيروت دي سي” في عزّ الحصار: “من بيروت إلى يلّي بيحبّونا”.
وقد لا تكون برمجة المهرجان هذا العام بحجم الدورات الماضية. لكن الأيام تطلق فيلمين روائيين من لبنان (كمّون وسلهب)، وتعرض أشرطة قصيرة لفؤاد عليوان ولينا الصانع ولميا جريج وغسان حلواني. وتقدم أعمالاً من العراق (عدي رشيد) والجزائر (رباح زيمشي) وتونس (المنصف ذويب) والمغرب (اسماعيل فروخي). وتخصص ركناً لأعمال فيديو انتجت خلال العدوان، وآخر لأفلام التحريك.
ويفاجئنا برنامج “أيام بيروت” من حيث لا نتوقّع: عرض راقص يجمع بين موسيقى زاد ملتقى ومهارة يلدا يونس (مهدى الى سمير قصير)، محاضرة لبسام حداد عن تعامل وسائل الإعلام الأميركية مع الصراع في الشرق الأوسط. وستكون الزحمة على أشدها أمام ابواب الأمبير مساء غد الثلثاء، حيث يقدم ربيع مروّة عرضاً على شكل محاضرة تشيكوفيّة النبرة: “أفكار قيد الدرس، كيف بدّي وقّف تدخين؟”. أما مسك الختام فسيكون مع ريما خشيش في أمسية خاصة بأغنيات السينما العربية في مسرح “كركلا”. لم نبتعد كثيراً عن السينما إذاً.
بيار ...