دمشق | في 11 أيّار (مايو) الحالي، بدأت قناة «أبوظبي ــ دراما» بعرض مسلسل «حارة المشرقة» (تأليف أيمن الدقر، إخراج ناجي طعمي، وإنتاج «المؤسسة العامّة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي») خارج الموسم الرمضاني. العرض تأخّر أسبوعاً كاملاً، بعدما أُعلن سابقاً (بحسب صناّع العمل) أنّه سيبدأ مطلع أيّار على قناة «أبو ظبي الإمارات» (الأخبار 4/5/2015). بعد الانطلاق بعرض الحلقات، فوجئ المُشاهد بالمونتاج الذي أجرته المحطّة كيفما اتفق، بحيث بدت مشاهد كثيرة في الحلقات الخمس الأولى مبتورة، خصوصاً مشاهد فواخرجي، ما أوحى أنّ ثمّة جرأة زائدةً في هذا الدور. في الخطوط العريضة لقصّة «حارة المشرقة»، تطلق «شهيرة» (سلاف فواخرجي) العنان لجمالها، وقدرتها على الإغواء لتحقيق ما تريد، وتكون شريكة السمسار «أبو مالك» (عبد المنعم عمايري) في أعماله. وهو سمسار بالمعنى الواسع للكلمة، يتاجر بكل شيء؛ العقارات، وحبوب الهلوسة، إلى جانب تورّطه مع «فوزي» (ليث مفتي) الذي يدير صالة للفن التشكيلي في بيروت.
وهي ليست إلّا واجهة لنشاطات مشبوهة كعمليات تبييض الأموال، وتهجير العقول من سوريا عبر توفير فرص عمل لهم في أوروبا. يقع في شباكِ الشريكين العديد من الضحايا، بينهم «عيد» زوج البطلة الذي يعاني من الفصام، و«أبو عبدو» (أيمن رضا)، صاحب ورشة تصليح السيّارات، والخبير بالتواطؤ مع الموظفين الحكوميين، لنهب المال العام.
ليس سرّاً إذاً أنّ العنوان العريض للدور الذي تؤديه سلاف في المسلسل هو «السيدّة اللعوب». تظهر النجمة السوريّة بصورة طريفة كما لم يرها الجمهور من قبل. لكنّها أكدت أكثر من مرّة أنّها تقدّم هذه الشخصية بطريقة تحترم المُشاهد، بعيداً عن الابتذال، وأنّ تركيزها في الأداء انصبّ على البحث عن دوافع «شهيرة» كامرأة «لا تمتلك المناعة ضدّ الفساد، وأصبحت في النهاية تشبه الذئاب المحيطين بها»، لتتحول «من إنسانة مهشّمة، إلى مدافعة عن ذاتها بهذه الطريقة. فليس هناك إنسان شرير بالمطلق» (الأخبار7/2/2015).

ضعف
في أداء بعض الممثلين

علّق كاتب المسلسل أيمن الدقر على تعرّض مقص الرقيب في «أبو ظبي» للكثير من المشاهد، قائلاً لـ«الأخبار»: «أعتقد أنّ أسباب القطع هي الإعلان، والتوقيت المخصص له ضمن الحلقات، وليس له علاقة بمشاهد سلاف، فهي تمتلك خبرة عالية في العمل التلفزيوني وتعرف ما يجب تأديته من الدور وأين تقف حدود العمل، وتدرك أيضاً أنّ التلفزيون يختلف عن السينما، لكونه يدخل كل بيت». وأضاف: «المخرج ناجي طعمي يتمتع بخبرة لا يستهان بها أبداً، ولا يمكن أن يصوّر مشهداً منافياً لأصول أخلاق المهنة»، معرباً عن استيائه ورفضه لـ«الاقتطاع غير المهني».
يبدو التخمين بأنّ جرأة دور فواخرجي هي السبب وراء الحذف التي تجريه شبكة «أبوظبي» مثاراً للتندر، ما دامت الشبكة نفسها تعرض أعمالاً أميركية لاتينية عدّة وأخرى تركية، وحتى عربية، على مستوى أعلى من الجرأة. وأمام هذا الواقع، يبقي السؤال مفتوحاً عن السبب الحقيقي وراء ما يحصل، ولا سيّما أنّ الحذف راوح بين الدقيقتين والخمس دقائق تقريباً في الحلقة الواحدة. قد يكمن الجواب في ما التقطته «الأخبار» من حديثٍ دار في الكواليس أخيراً، حول منافسة شديدة بين شركتي إنتاج وتوزيع سوريتين، عهدت إليهما الجهة المنتجة بتوزيع العمل، فنجحت الأولى في بيع العمل إلى شبكة «أبو ظبي» التي بادرت سريعاً إلى إدراجه على جدول عروضها قبل الموسم الرمضاني، ما أغضب الشركة الثانية وأربك حساباتها. فما كان من إدارتها إلا أن لجأت إلى تشويه سمعة العمل أمام إدارة «أبو ظبي»، لجهة رسالته ومدى جرأته، واللعب على حساسيات المحطّات العربية الكبرى تجاه تناول أي موضوع سوري في الفترة الماضية. كل هذا أدى إلى تأخير «أبو ظبي» للعرض، ونقله إلى قناة «الدراما» بدلاً من «الإمارات»، بعد إعادة مراقبته وإجراء تعديلات عليه. نقدياً، من المبكّر الحكم على «حارة المشرقة»، لكن ثمّة ما يشير إلى ضعف أداء بعض الممثلين، وعدم ملاءمة اختيارهم للأدوار التي يؤدونها، في مقابل أداء لافت لسلاف فواخرجي، وأيمن رضا، وعبد المنعم عمايري، فضلاً عن الإيقاع البطيء للعمل. خلال حلقات هذا الأسبوع، سنشهد إقامة «أم أحمد» (أنطوانيت نجيب) في بيت «أبو لؤي» (زهير رمضان) بشكل دائم بعد اكتشافه حقيقة شخصيّتها، إضافة إلى إيقاع «شهيرة» بالأذية لطلاب كلية الهندسة الذين يسكنون بجوارها. وهناك أيضاً جلسات القهوة والحديث عن شهادة الوزير السابق (علي كريم)، وبروز انفصال الفنان التشكيلي (بشار إسماعيل) عن واقعه وممارساته، وفشل الشاعر (محمد خير الجرّاح) في أن يكون شاعراً غنائياً ذا قيمة ودمار حياته الشخصية.

* «حارة المشرقة» من الأحد إلى الخميس ــ 15:00 على «أبو ظبي دراما»