خالد صاغيّة
لا أعرف إن كانت اللغة العربيّة تمتلك ترجمة دقيقة للعبارة الإنكليزية «He lost it». ربما كانت عبارة «فقد صوابه» هي الأقرب. وربّما كان واجباً اللجوء إلى العاميّة في هذه الحال، كأن يقال عن فلان إنّه «ودّع» أو «مودّع» أو «ودّع بالمرّة».
يستحسن عدم إطلاق هذا التوصيف على أيّ سياسيّ بسبب آرائه أو توجّهاته، خصوصاً أنّ الديموقراطية «على الموضة» هذه الأيام. لكن، حين يخرج السياسي عن سياق إبداء رأيه، ويبدأ بشتم شعبه بحجّة الدفاع عن الديموقراطية، يكون، على الأرجح، قد «ودّع» فعلاً. فاتّهام شعب ما بـ«فقدان القدرة على التفكير» يلغي الديموقراطية من أساسها. فإمّا أن يكون الشعب معي، وإمّا أن يكون غائباً عن الوعي، تلك هي الوصفة النموذجية لسحل أيّ نظام ديموقراطي.
«كلّ مواطن يعيش في ظــــلّ نظام شمولي يفقد القدرة على التفكير». أطلقت هذه الـــنظرية لتفسير تمــــتّع السيّد حسن نصر الله بشعبية كبيرة. كان اللجوء إلى فكرة عامّة، ربّما، لتجنّب شتم السيّد نصر الله. لكنّ من شُــــتم في المقابل هو شعوب بأكملها عاشت و/ أو ما زالت تعــــيش في ظــــلّ أنظمة شمولية.
تذهب هذه النظرية أبعد من الشتم. إنّها حرفياً نظرية الأسياد الجدد. فالمواطن، حين يفقد القدرة على التفكير، لا يمكن أن يخلّص نفسه من النظام الشمولي الذي يحكمه. خلاصه لن يأتي إلا على يد سواه. على يد الأسياد الجدد أنفسهم.