لا يكاد يمرّ أسبوع إلا ويحلّ أحد “نجوم” السياسة ضيفاً على شاشة محلية أو عربية. وأحياناً يطلّون جميعاً في أسبوع واحد. وفي أحيان أخرى، يطلّ نجم واحد أكثر من مرة مع فارق زمني لا يتعدى اليومين. لكن ما الذي يدفع هؤلاء إلى الظهور المتكرر على الشاشة؟ هل يسعى السياسـيون اللبنانيون إلى إقناع مـــنافسيهم بطروحاتهم؟ أم إنهم يطمعون في إقناع المشاهد؟ هل سيـــضيفون إلى معلومات الأخير ما لا يعرفه؟ أم إنهم يحاولون ضم “مناصرين” جدد إلى صفوفهم؟
من المؤسف أن تكون الإجابة عن هذه الأسئلة: لا. فما تمارسه غالبية السياسيين في لبنان لا يدخل، في أي جانب منه، ضمن المفهوم الحقيقي للديموقراطية التي انطلقت من ساحة “الأغورا” في اليونان حيث كان يتبارى المشاركون بالفصاحة والبلاغة للوصول إلى هدف واحد: الإقناع.
وإذا اعتبرنا أن “الأغورا” اليونانية قد تكون انتقلت إلى شاشات التلفزة، فــــــما يمكنـــــنا أن نلاحظه أنها لم تحتفظ من تجربة الديموقراطية الحقيقية بأي أسلوب يرتبط بالبلاغة أو الفصاحة، بل اعتمدت على مستوى متدن في الخطاب عند غالبية الســياسيــين المنتمين إلى جميع المعسكرات، وافتقر هؤلاء إلى أي محاولات جادة للإقناع، معتمدين في شكل أساسي على ما يثير المشاهد طائفياً وغرائزياً.
لا يعدو “الاتــــــــصال السياسي” الـــــذي يمــــارسه كــــثــــيرون اليوم كــــــونه أكــــثـــــر من مـــــفرقعــــات صــوتية يسجّــــل فيها كل طرف نـــــقاطاً في مرمى الآخر. وتغيب عــــنـــــهــــا أي رغــــبــــة جـــــديــــة وحــــــقيقية في التوصل إلى رؤية مشتركة، وهذا ما أثبتته جلسات الحوار الوطني حول الطاولة الشهيرة.
يبدو أنه في عصر “نشر الديموقراطية” في العالم، يطيب لسياسيينا أن يمارسوا هذه الديموقراطية من أجل “الديموقراطية” على طريقة “الفن للفن”.

مهى...