نور خالد
قد يكون “موعد غرام” من المحطات الأخيرة في مسيرة عبد الحليم قبل أن يحاول (سدىً) القيام بانعطافة مغايرة في مسيرته الفنية. ذات يوم عام 1964، قرر العندليب أنه سيمثّل فقط... قرر التوقف عن الغناء في السينما، والابتعاد عن الشخصية التقليدية التي جسدها في أفلامه السابقة. وراح يبحث عن دور مختلف وصادم، فوقع اختياره على مدمن مخدرات! في ذلك العام، أراد العندليب أن يصل الى الحدود القصوى للتجريب التمثيلي، في واحدة من اللحظات الحرجة التي مرّت على مغنين كثر، خلال تلك المرحلة من تاريخ السينما المصرية. في تلك الفترة، كانت شادية قائدة مسيرة التمرّد. أقنعت نفسها، بعدما أقنعها المنتجون، بأن الوقت قد حان لتثبت أنها ممثلة قادرة وقديرة. ممثلة فقط، بعيدة من تلك الفتاة الدلوعة التي تغني مع اسماعيل ياسين وشكوكو: “احنا التلاتة سكر نباتة»، أو تقفز حول أنور وجدي. بل هي العاشقة والمعشوقة، الخاطئة والتائهة.
قدمت شادية “اللص والكلاب” و“الطريق” مع رشدي أباظة، و“أيام معدودة” مع زوجها آنذاك صلاح ذو الفقار. امتعض كثيرون من قرار شادية، من دون أن يشككوا في القدرات التمثيلة التي أظهرتها في هذه الأفلام... وأراد عبد الحليم حافظ أن يستفيد من ذلك الجو ويقدم مشهداً تمثيلياً من دون غناء، ومن دون أن ينزعج منه عشاق الطرب. لكن مشروعه لم يبصر النور. إنه المرض الذي بدأ يسري باكراً الى بدن حليم. اتفق مع يوسف شاهين، قبل سفره الى لندن في 20 تشرين الثاني عام 1964 على أن يخرج له، فور عودته، الفيلم. وكان هذا الأخير يتناول قصة فنان أدمن تعاطي المخدرات، فخسر شهرته واسمه.
لكن الظروف منعت شاهين من إنجاز الفيلم ولم يظهر العندليب في دور من دون غناء، على رغم أنه بدا متحمساً للفكرة، وهو يصرح للصحافة قبل سفره: “التجربة نجحت في أميركا، فلماذا لا تنجح عندنا... أنظروا الى فرانك سيناترا ودين مارتن ودوريس داي يقدمون أفلاماً من دون أغنية واحدة.. لا أخاف من ردّ فعل الجمهور، وأنتظر أن يستقبلني الناس استقبالاً طيباً».
عاد العندليب من لندن، وفي حقيبته نتائج فحوص طبية أحبطت عزيمته في متابعة كل المشاريع التي حلم بها. غاب عن السينما لسنوات، قبل أن يقدم مطلع السبعينيات فيلم حسين كمال «أبي فوق الشجرة». خسر الجمهور فيلم شاهين، وفيلماً آخر كان سيمثله مع سعاد حسني بعنوان «منتهى الحب». كان سيظهر فيه، لأول مرة ممثلاً فقط، عاشقاً للسندريلا التي أحيطت علاقته بها بالكثير من الالتباس.
نجحت شادية في مشروعها، ولم تسعف الظروف عبد الحليم في ذلك. أما فيلم اليوم «موعد غرام»، فهو يعود الى المرحلة التي كان فيها العندليب فرحاً بالغناء (1956). هي قصة حب كلاسيكية جمعته مع فاتن حمامة في أول بطولة مشتركة لهما. شارك في بطولة الفيلم زهرة العلا ورشدي أباظة، وأخرجه بركات. ويعرض عند الواحدة والنصف بتوقيت بيروت على شاشة «ميلودي أفلام».