تعود ولادة أنور براهم الفنيّة إلى أواسط ثمانينيّات القرن الماضي، حين أطلّ في «مهرجان قرطاج الدولي» (تونس)، فحقق نجاحاً منقطع النظير. يومذاك اكتشف الجمهور العريض هذا الشاب الذي تخرّج من «الكونسرفاتوار الوطني»، وتتلمذ في الوقت نفسه على يد عازف العود الأستاذ علي السريتي. ثم عاود أنور الكرّة في «النوّارة العاشقة» بالاشتراك مع الشاعر علي اللواتي. وسرعان ما أثبت مقدرة لافتة على الارتجال، ومرونة مدهشة في أسلوب العزف وامتلاكاً لأذن موسيقيّة مثقّفة ومطّلعة. وكان لقاؤه المنتج مانفريد ايشر، مطلع تسعينيّات القرن الماضي، مفترق طرق في حياته الفنيّة. يومذاك عرض مؤسس شركة «إي. سي. أم. ريكوردز» (ECM) إنتاج أسطوانته الأولى «برزخ» (1991، مع بشير السالمي والأسعد حسني). وكان هذا العمل بداية مرحلة جديدة، أثمرت حتّى الآن تسع أسطوانات هي «حكاية حب لا يصدّق» (1992، مع بارباروس ايركوزي، قدسي إيرغونر، الأسعد حسني)، «مدار» (1994، مع يان غارباريك والأستاذ شوكت حسين)، «خِمْسة» (1995، مع ريشار غاليانو وآخرين)، «ثمار» (1998، مع جون سورمان، ودايف هولاند)، «مقهى استراخان» (2000، مع بارباروس ايركوزي والأسعد حسني)، Charmediterranéen، (مع جيانلويجي تروفيسي، 2002)، «خطوات القط الأسود» التي احتلّت لأشهر عدة المرتبة الثانية في قائمة مبيعات «أمازون»، ضمن فئة الجاز، بعد الفنانة نورا جونز (2002، مع كوتورييه وماتينييه)، «موجة» (2003)، و«رحلة سحَر» (2006).
اهتم أنور براهم بالتأليف للسينما والمسرح، وقد وضع موسيقى بعض الأعمال التونسيّة أو العالميّة المشهورة. نشير على سبيل المثال الى تعاونه مع موريس بيجار في استعراض «تالاسا... بحرنا». كما ألف موسيقى فيلم كوستا غافراس «هانا ك». وعلى الصعيد التونسي كتب براهم موسيقى مسرحيّات عديدة، لعلّ أبرزها مساهمته في مسرحيّتي محمّد ادريس «إسماعيل باشا» و«ونّاس القلوب». في السينما نذكر «صفائح من ذهب» و«يزناس» لنوري بوزيد، «عصفور السطح» لفريد بوغدير، «صمت القصور» و«موسم الرجال» لمفيدة التلاتلي.