خالد صاغيّة
من الأوهام التي تسكن عقول البعض اليوم، أنّ حزب الله يمثّل خطراً على لبنان واللبنانيين، ليس بسبب مشروعه السياسي، بل أساساً بسبب مشروعه الثقافي. يجب أن يُهزَم حزب الله بسبب الوعي الذي ينشره. ومن دون طول سيرة، يمثّل الحزب، بالنسبة إلى هؤلاء، «التخلّف». ويمثّل ثلاثيّ 14 آذار نقيض هذا «التخلّف»، أي لبنان الحريّة (خروج جعجع من السجن وعودة الجيش السوري إلى دياره)، والازدهار الاقتصادي (الأحلام الضائعة للحريري الأب)، و«الحداثة» بشكل عام (الاقطاعيّ المتنوّر).
يتّخذ «التخلّف» و«التقدّم» في وكر الأوهام هذا معاني فضفاضة. لذا يُستحسَن إيراد شروط «التقدّم» في وطن كلبنان:
ــ المديح تلو المديح لأكثر الأنظمة العربيّة تخلّفاً ولجلالة القائم على هذا النظام، «أطال الله عمره».
ــ استخدام كل أنواع الإغراءات لإقناع قوى متطرّفة دينيّاً بأنّ المعركة ليست مع إسرائيل، بل مع طائفة أخرى.
ــ الاستعانة ببطريرك لإقحامه في السياسة أكثر، للقضاء على خصم سياسي وصل إلى البرلمان بانتخابات شعبية.
ــ استغلال التعيينات الإداريّة لنصرة طائفة على أخواتها.
ــ توزيع مساعدات الدولة باسم أطراف سياسية لإعادة ربط المواطنين بشبكة محسوبيّات، وجعل خياراتهم مرتهنة لهذه الشبكة. أمّا مسك الختام فتكريس الوراثة السياسيّة وطقوسها عبر لبس العباءات. فنُقلت هذه العادة من الجبل (المختارة) إلى المدينة (قريطم). تلك المدينة التي لا يهدّد «تقدّمها» الزاهر، إلّا «تخلّف» حزب الله.