كامل جابر
لم يكن يخطر ببال أبناء بلدة حولا الجنوبية أن يأتي يوم تنهي فيه بلديتهم “خدمات” بركة “الضيعة” القديمة الواقعة قبالة النادي الحسيني، بعدما اتخذ مجلسها قراراً بردمها بمخلفات الدمار وغيرها، وتحويلها إلى ساحة أو موقف للسيارات.
هذا القرار واجهه عدد من المهتمين بذاكرة البلدة وتراثها، ومزارعون عزّ عليهم أن يفقدوا بركتهم، فهم فخورون بثلاث برك قديمة في البلدة يستخدمونها في الري وسقي الماشية وورش البناء، بينما كانت في ما مضى، قبل وصول المياه في الأنابيب تستخدم لمهام الخدمات المنزلية وغسيل الثياب والأواني.
استغرب المهندس طارق مزرعاني “القرار الذي اتخذه مجلس البلدية الذي لم يستشر أبناء البلدة في الأمر؛ ولم يراع أهمية هذه البركة من النواحي التراثية والمعنوية والخدماتية، وما تشكله بالنسبة إلى الأهالي من ذاكرة تاريخية وحيّة، يحاول البعض طمسها من دون أسباب موجبة، بدل رعايتها وتنظيفها وتحويلها في مواسم تجميع المطر إلى خزان مائي يمكن أن يرفد حاجة البلدة إلى المياه؛ وإن أصروا على تغيير معالمها تحت عنوان التلوث والتخلص من البعوض والبرغش، فيمكن سقفها وتحويلها إلى ملجأ أو مسرح، والاستفادة من جدرانها الإسمنتية التي كلفت يوم رممت مبالغ طائلة، ويحتاج حفر مثيلة لها إلى ما لا يقل عن 200 ألف دولار؛ لكن يجب أن تراعى أهميتها التاريخية وتبقى بركة وسط حديقة عامة، لأنها تحمل طيب أنفاس الجدود والآباء، وذاكرة البلدة والمجزرة التي حصلت، وهي أيضاً “علامة” موجودة على الخرائط المشيرة إلى عقارات البلدة”.
ويدور في حولا جدل حول قرار التخلص من البركة فيؤكد المسنون أن عمرها أكثر من 200 عام.
وكان سكان المنازل القريبة من البركة قد تقدموا بعريضة لمجلس البلدية يشكون من تكاثر البعوض وتحول البركة إلى مكب للنفايات والتلوث، لكن عدداً كبيراً من أبناء البلدة استاء من قرار البلدية، وكثرت المطالبات بالاهتمام بها ورشِّ محيطها بالمبيدات ومنع رمي النفايات والبقايا فيها. ويشير البعض إلى أن البلدية اتخذت، قبل العدوان الإسرائيلي الأخير، “قراراً بردمها وتحويلها إلى موقف للسيارات أمام النادي الحسيني بدل التفكير الجدي بتأهيلها ورعايتها، أو إنشاء حديقة عامة في محيطها وأرصفة ورفدها بالمقاعد والورود، لتعود كما كانت في السابق، نقطة التقاء وتجمع”.
البركة هي الأقدم في حولا، إذ نشأت إلى جوار الحي العتيق، وكان سكان البلدة من قبل يعتمدون عليها لكونها مصدراً للمياه، ويرفدونها بمياه الآبار وتجمع مياه السطوح والطرقات، وكانت تدور حولها مجمل ذكريات أبناء البلدة وتشكل نقطة التقاء لتداول شؤون وشجون الأفراح والأتراح.
ويلفت بعض المهتمين، إلى أن منظمة “اليونيسف” وبعض المؤسسات الإنسانية والاجتماعية العالمية، دأبت في السنوات الأخيرة على تأهيل البرك في القرى الحدودية وتعزيزها بموارد المياه والاهتمام المحلي، وخصوصاً في ظل ما تعانيه هذه القرى من جفاف في أواسط كل صيف.