بيار أبي صعب
هل يتابع القراء العرب، واللبنانيون تحديداً، الصحافة الثقافية؟ أم تراهم انفضّوا عنها منذ دهر كما يؤكد كثيرون، بين أهل المهنة قبل سواهم؟ السؤال يطرح نفسه على كل المعنيين بالحيز الثقافي، بما هو فضاء مدني مشترك، مساحة عامة للتفكير والنقاش والتفاعل والتأمل والتذوق والانفعال. المنبر الإعلامي الثقافي، هو مبدئياً صلة الوصل بين المواطن الفرد، وسائر المهتمين بشؤون الإبداع والفكر والنقد. القارئ يشتري الجريدة ببساطة ليعرف أي أسطوانة يسمع، أي كتاب يقرأ، أي فيلم أو مسرحية أو معرض يشاهد... ليعقد الصلة بتجارب ونقاشات ومعارف تميز زمنه وعصره.
إلى أي مدى تؤدي منابرنا هذه “الخدمة” الإعلامية؟ الى أي مدى بوسعها اليوم أن تكون الوسيط، والدليل المعرفي الذي يطرح الأسئلة ويقترح المفاتيح ويشرّع ذوق القارئ ومخيلته على آفاق جديدة باستمرار، منوعة وشاملة؟
ما نفع صفحة ثقافية لا تواكب أحداث المدينة، أو تستبقها؟ ولا تعكس نقاشات المرحلة وتساؤلاتها، أو تحدد مجراها؟ ما نفع تلك المواد البلا لون التي رصفت لتملأ الفراغ؟ لماذا نشر هذا المقال اليوم؟ كان بإمكانه أن يظهر غداً أو بعد سنة... كان ينبغي أن ينشر قبل أسبوع أو قبل شهر!
قراء تلك الصفحات هم كتابها على الأكثر، أو من تتناولهم المقالات التي يغلب عليها المديح والهجاء، التعميم والتعمية. في ذهن المحرر هنا قبيلة صغيرة تحدد “المصالح” والحسابات والخيارات. إنها صحافة طفيلية، خارج الزمن، صحافة الكسل وغياب المخيلة والمشروع والهم الثقافي. إنها الجزء الظاهر من تخلفنا وانحطاطنا...