رنا حايك
بدا الخلاف السياسي على قراءة “الحدث” الذي عصف بلبنان واضحاً بين المحطات اللبنانية. وتجسّد هذا الخلاف في أسلوب التعبئة الذي انتهجته هذه المحطة أو تلك. فخلف “الوحدة الوطنية” المعلنة، أظهر الاختلاف السياسي بين قناة وأخرى أن لكلٍّ وطنه. الـ “نيو تي في” وجدت وطنها في أغاني مارسيل خليفة وجوليا بطرس وماجدة الرومي. وأغنيات خليفة طبعت المحطة بطابعها، فأدّت دور الفاصل الترويجي الذي يرفع لواء الصمود. وجاءت أغاني المحطة ذات نفس “ثوري” يرفض الموت ويتغنى بالمقاومة ويجاهر بإرادة الحياة التي لا بد أن يستجيب لها القدر. وحلّ العندليب الأسمر ضيفاً “غير متوقّع” على قناة “المنار”، بين نشيد ديني وآخر، ليصدح بأصداء أحلام “قومية” بعيدة مع “خلّي السلاح صاحي”.
الـ“أل.بي.سي” فضّلت الحياد، فلجأت إلى وطن فيروز ووديع الصافي ووليد توفيق، الوطن الشامخ البهي المسالم، المتمسك بديمومته وبمركزه كقبلة الشرق والغرب، والمتحفظ على خيار الحرب... كأنها “حرب الآخرين” نحتمي منها بأغان تتغنى بأمجاد الوطن. وفي حين اقتصر خيار سيتي نيوز (أن.بي.أن سابقاً) على أغاني جوليا، تركزت عصارة الوطن لدى تلفزيون “المستقبل” في سلسلة أغاني “رفيق في البال” التي أُنتجت بعد مقتل الحريري... واختزل الوطن في مشاهد الأعلام اللبنانية التي رفعت في تظاهرات “انتفاضة الاستقلال”، وصور الحريري والمفجوعين بوفاته. كما جرى توليف مقتطفات من أغان عدة تعود الى تلك المرحلة، ويتخللها تحذير للشعب من أن يصبح بلده “ملعباً” للآخرين.
جوليا كانت حاضرة على شاشة “المستقبل”... رغماً عنها! والفنانة المذكورة كانت لفتت الأنظار برفض استعمال أغانيها بعد موت الحريري مباشرة، لأنها أغان كتبت في مرحلة مختلفة، وفي إطار مختلف. إلا أن ذلك لم يمنع “المستقبل” من بث إحدى أغاني جوليا خلال العدوان الحالي. ومن غريب المصادفات أن تكون كلمات الأغنية: “أنا بتنفس حرية، ما تقطع عني الهوا/ ما تزيدها كتير عليي، أحسن ما نوقع سوا”.