الجزائر ــ بسمة كراشيأهدى “مهرجان جميلة الدولي”، الذي اقيم في الجزائر، فعالياته الى مهرجان بعلبك الذي أطفأ أضواء مسرحه باكراً هذا العام بسبب العدوان الإسرائيلي. وفي ليلة الافتتاح، غنّت فلة عبابسة بيروت وأهدت “لبنان يا سراج العرب” إلى الفنانين اللبنانيين الذين حضروا المهرجان، وبينهم عبد الحليم كركلا ومارسيلخليفة. في تلك الحفلة، حاولت المطربة الجزائرية عبثاً إخفاء تأثرها ودموعها وخصوصاً أنها بقيت ستة أيام في بيروت تحت القصف قبل أن تتمكن من الفرار.

اليوم، بعد دخول قرار وقف النار حيز التنفيذ، لا تزال فلة تتأثر لدى استرجاع مشاهد جثث الأطفال الهامدة تحت الردم. وهي لا تزال غاضبة، يائسة من حكام عرب، “يحاولون قتل شعوب تصارع من أجل البقاء، ويتابعون عبر نشرات الأخبار، مقتطفات فيلم أخرجه كاوبوي أميركي”، كما تقول.
تؤكّد فلّة أن بادرة “مهرجان جميلة” ليست سوى رد فعل طبيعي من شعب ذاق مرارة المآسي قبل سنوات، “أشعر بالفخر لأنني جزائرية أكثر من أي وقت مضى. شعبنا تجاوز الكلام إلى الفعل، وأنا شاركت في المهرجان لأعبّر عن انتمائي إلى هذا الجرح النازف”.
من هذا المنطلق، تؤمن فلّة التي ارتدت علم لبنان في حفلتها الأخيرة، بدور الغناء في الصمود والمقاومة، “عندما كانت الجزائر تحترق وتغرق في الدم، لم أحمل حقائبي وأترك بلدي. بقيت هنا لأغني: “أنا جزائرية”، و“جزائر يا بداية الكون”، و“من أجل أن تحيا الجزائر، في منامي نحلم”... ماذا ينتظر الفنانون العرب حتى يصرخوا عالياً، هم قادرون على تأليب الرأي العام على المتواطئين مع أعدائنا”.
وتراهن صاحبة “أهل المغنى” على الأعمال الفنية التي ستقدم بعد الحرب. إذ تقول: “صمود اللبنانيين وانتصارهم سيغيران كثيراً في الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط. كذلك في الفن، ستعكس أعمال المطربين هذا التغيير. في حرب أكتوبر 1973، استمدّ الشعب العربي صموده من حناجر عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب. وهذا العام، علينا أن نحتفي بالمقاومة مع جوليا بطرس ومارسيل خليفة ولطفي بوشناق”. وتتابع بحماسة: “الوقت مناسب لإنجاز أوبريت حقيقي، يشبه “الوطن الأكبر”، ويبتعد عن “الكابوس العربي”... ماذا قدم أوبريت “الحلم العربي” الذي أطلقه المخرج أحمد العريان قبل سنوات؟ لم يستضف أي صوت من الجزائر، ولم يكن سوى دعوة إلى الاستمرار في عيش الوهم. أستغرب كثيراً موقف الحكام العرب الذين يرصدون أموالاً طائلة لتنفيذ أعمال فنية سطحية”. وتختم حديثها: “لو كنت حاكماً عريباً وشاهدت موقف رئيس فنزويلا هوغو شافيز، لطليت وجهي بالفحم خجلاً... رجال أميركا اللاتينية أكثر عروبة منا!”.
واستضاف مهرجان جميلة عدداً من الفنانين بينهم عبد الحليم كركلا، ومارسيل خليفة وديانا حداد وعاصي الحلاني، والشاب خالد. فيما اعتذر فنانون عن الحضور بسبب صعوبة الخروج من لبنان، من بينهم الشاعر طلال حيدر الذي أرسل قصيدة، شكر فيها بادرة الجزائر. ويختتم كاظم الساهر فعاليات المهرجان نهاية الأسبوع الحالي، على أن يعود ريع جميع الحفلات إلى هيئات الإغاثة في لبنان.