نور خالدفي أحد لقاءاتها المتلفزة في شهر رمضان الماضي، قالت مقدمة البرامج ــ والمغنية أخيراً ــ رزان مغربي، إنّ لبنان لطالما جمع المقاومة والرقص في آن. سألتها المقدمة عما تقصده، فأفصحت رزان أن في لبنان شباباً يرقصون في الحانات ليلاً ويتظاهرون ويقاومون نهاراًأخذ كثر على مغربي آنذاك تصريحها. وعلل معظمهم ذلك بأنها بالغت في توصيف الفكرة الكلاسيكية التي تشرح “تميّز” الشخصية اللبنانية بـ “عمقها التاريخي وامتداداتها المعاصرة”. حاول بعضهم أن يلطّف من تصريحات الفتاة المتحمّسة التي غنّت ورقصت واخترقت المجال الفني العالمي عبر برامج المنوعات، كما وضعت اسمها على زجاجات للعطور. قال معجبوها إنّ “رزان على حق، فنحن اللبنانيين نرقص في الحانات وعلى وقع القنابل”.
كان علينا أن ننتظر شهوراً قليلة لنعي تماماً ما الذي قصدته “شهرزان” في كلامها. هجم الاسرائيليون على لبنان ودمّروا بيوته وقتلوا أطفاله. وفجّرت هي “قنبلتها” المنتظرة (من جانبها على الأقل). رقصت، كما شاكيرا، في فيديو كليب يعرض لها حالياً على الفضائيات العربية التي بقيت على “تخصصها” في بث الأغاني، مؤكدة أن لا شيء “يخصها” مما يحصل من “بث” للقنابل في الفضاء اللبناني. أغلب الظن أن التوقيت لم يخدم مغربي، لكنّه لم يضرّها تماماً. العرض الذي قدّمته في الكليب، وهي تتمايل وتتمدد وتتشعب بالطول والعرض، وفستانها ــ او ما تبقّى منه ــ معها، يكمّل “نظريتها” عن صورة الشباب اللبناني، وهي تريد أن تكون إحدى أيقوناته، أو تحلم بذلك. الشباب اللبناني أيضاً كان يعيش في الوقت ذاته “انشطاراته” الخاصة، وكان “بريق” المدفعية يأخذ بأنظاره ويأتيه من البارود المشتعل لا الكريستال. كما أن صرخات المقاومين كانت تصدح في الوديان والخنادق، فتزرع الرعب في صدور الاسرائيليين، قبل أن يموتوا في فزعهم وجبنهم. لا معلومات أخرى لدينا عن شباب لبناني كان يرقص في الحانات، غير اولئك الذين ناموا مع النازحين في حديقة الصنائع، يقدمون لهم الغوث، أو اولئك الذين نشطوا في الأشرفية لاستضافتهم.
رزان تعرف أكثر عن الفئة “الأخرى”. الفئة التي تخدم “نظريتها” عن تميز الشخصية اللبنانية التي صنعتها التناقضات. ويبدو أن مغربي تقف الى جانب التناقضات، فها هي تقول في المقابلة ذاتها: “لا أستطيع أن أفهم كيف يرمي أحدهم بنفسه الى الموت، لكن لا يمكنني الا أن أحترم خياره”.