رنا حايك
خلال الأيام الصعبة التي مرّ بها لبنان جرّاء الــــعدوان الإسرائـــيلي، والمجازر البشعة التي ارتكبت بحق المدنــــييـــن، واجهت الأقنية والفضائيات العربية إشكالية مزدوجة: إلى أي حد يجوز بث صور الاشلاء، وجثث الأطفال، والتركيز عليها طويلاً؟ الــســــؤال مــــطروح مـــن نـــواح
عــــدة: أخلاقــــيـــة، ونفـــسية، وســــياسية طبعاً. لا شــــك في أن طمس صور المجزرة هو تغييب للمجزرة نفسها. مــــن هـــنا ضرورة اختيار مادة اعلامية صادمة، تكون صفعة للضمير العالمي! ولكن ما تراه يكون وقع تلك الصور العنيفة والقاسية والمريعة على المشاهدين، والأطفال على وجه الخصوص؟ كيف نحمي الاطفال من تلك المشاهد بكل بشاعتها وفجاجتها، ومن أثرها المستقبلي على تكوينهم النفسي؟ هل نبث صور الموت أم نكتفى بذكره فقط؟
الاختصاصية في علم النفس سهى بيطار، ترى أن البنية النفسية للإنسان العربي ولشعوب البحر الأبيض المتوسط عامة، تتسم بالانفعالية، ويعدّ تضخيم الحدث سمة عامة في سلوكيتها. وتعزو هذا التضخيم جزئياً ــ بالنسبة الى العرب ــ إلى الكبت الذي يرزحون تحته. وترى بيطار أن الصورة “يجب أن تكون لائقة احتراماً للضحايا ولأهاليهم وللمشاهد. فالإنسان يتأثر بطبيعته من الفاجعة، ليس عليه أن يراها، بل يكفي أن يسمع حقائق عنها”.
والمعروف أن الحوامل والأشخاص الحساسين بطبيعتهم، ممنوع أن يشاهدوا تلك الصور. أما الأطفال، فأي صورة لا يفهمونها تصدمهم... وقد يصابون بهلع ووجوم لا على المستوى الآني فحسب بل مستقبلاً أيضاً. هذا ما تؤكده الدكتورة بيلا عون، المتخصصة في علم نفس الأطفال، وهي تشرح خطورة هذه الصور على الأطفال: “هؤلاء قد ينسونها لاحقاً، إلا أنها تبقى محفورة في ذاكرتهم. وقد لا يتخطونها فتنتج عدائية عند بعضهم أو رهاباً عند بعضهم الآخر، أو توتراً دائماً، وفي بعض الأحيان قد توجد لديهم عادات عصبية تلازمهم طوال حياتهم”.