نور خالد
عندما قرأت منذ ايام خبراً عن تلك الأم الفرنسية التي قررت “قتل” التلفزيون في منزلها، مستعيضةً عنه باشتراك في صحيفة للأطفال تصل الى أيدي أبنائها صباح كل يوم، استغربت النبأ للوهلة الأولى، متسائلة: هل يمكننا فعلاً أن نجنّب اطفالنا مشاهدة التلفزيون؟ ألم يُحسم هذا الأمر منذ أكثر من ثلاثة عقود؟ بل إن دراسات حديثة أجريت في الولايات المتحدة أثبتت أن “أطفال التلفزيون” أشدّ ذكاء من اولئك الذين لم يتعرضوا له.
ولأنني حرصت على قتل فضولي في معرفة جنس الطفل الذي يتحرك داخلي منذ اربعة أشهر، فكرت في أن أجول على قنوات الأطفال العربية “المتخصصة”، وأتخيّل المشهد.
كيف ستعاونني الشاشة على تربية أولادي، أو رفع معدلات الذكاء عندهم. جيوش من الكرتون الذي يقتل ويكره ويدهس. “سبيس تون”، التي ــ حين سيشاهدها ابني ــ يجب عليّ أن أكون خبيرة في الشؤون العسكرية لكي أجد إجابات عن أسئلته التي ستتمحور على الدبابات والرشاشات والقتل، بحسب ما تعرضه هذه الشاشة، مكتفية بالتحذير من أن ما يراه الاطفال: “مجرد كرتون”. لكنها محطة، ويا للغرابة، تبثّ برامجها ليلاً ونهاراً. أتخيل أن ابنتي، حين تأتي، فإنها بحكم الجين الوراثي، سوف تحتفظ بعادة “التسرب” من السرير بعد منتصف الليل الى الثلاجة والشاشة. ومع الرقابة التي سأمارسها وتقتضي “حجب” قنوات محددة بعد التاسعة، فإن “الشر” المتأتي من قنوات الاطفال لن يكون أقل ايلاماً. المشكلة في تجربتنا العربية أن قنوات الاطفال تدار بعقليات كبيرة. “كبيرة” فعلاً، الى الحد الذي يجعل قناة “الجزيرة للأطفال” تمرّر أجندة سياسية كاملة في بعض البرامج التي تعرضها. كما أن “أم بي سي 3” تظن أن الطفل العربي والأميركي “توأمان”، وكل ما يعرض للثاني يجوز عرضه للأول. أما “ديزني”، فيجب عليّ أن أتورط بقبول مبدأ “القرصنة” والمشاركة فيه، فأتلقّى القناة بتكلفة بخسة، أو عبر الادّخار من أجل حجز اشتراك يتيح مشاهدة القناة. الآن بتّ أكثر تأكداً مما سوف أقدم عليه: سوف أربّي ابني، او ابنتي، على طريقة تلك السيدة الفرنسية.