strong>سجلت الشاشات العربية نقاطاً في الحرب الإعلامية على إسرائيل، فيما أخفقت وكالات الأنباء العالمية في مواكبة المعارك بأخبار حصرية وسريعة. هكذا انقلبت المعادلة، فصارت الوكالات تعتمد على مراسلي الفضائيات في تغطية العدوان.
باريس ــ الأخبار

خلال فترة الحرب على لبنان، لم تستطع وكالات الانباء العالمية أن تدخل في سباق محموم مع الفضائيات العربية. تفوقت الشاشة الصغيرة وتراجعت مكانة الوكالات. وبينما اعتمدت الفضائيات على مراسلين ميدانيين، استقوا أخبارهم من ساحة المعركة، افتقرت الوكالات إلى تغطية ميدانية شاملة، فسجلت إخفاقات كثيرة في نقل الحدث.
فضائيات عدة (أبرزها “المنار” و“نيو تي في”) نقلت صوراً حصرية من أرض المعركة. كما توغلت محطات، منها “الجزيرة” و“العربية”، في شمال إسرئيل، ورصدت سقوط الصواريخ على المدن هناك (محطة القطارات في حيفا، الثكنة العسكرية، ومركز التجمع الاسرائيلي). ولأن إسرائيل لم تكن راغبة بخروج التطورات الميدانية في شمالها إلى العلن، أوقفت الشرطة المحلية أكثر من مرة مراسلي الفضائيات العربية، وأبرزهم الياس كرام ووليد العمري من قناة “الجزيرة”.
رقابة إسرائيلية
كان تأخر وكالات الأنباء في نشر صور من على خط الجبهة، أمراً محلوظاً. وكذلك إهمال مراسليها للبيانات الصادرة عن حزب الله في ما يتعلق بسير المعارك، مكتفين فقط بنقل بيانات الجيش الاسرائيلي.
وأكّد صحافي في وكالة الانباء الفرنسية “أ ف ب” ــ رفض الكشف عن اسمه ــ أن الوكالة تأخرت في معظم الأحيان، بنقل أخبار القتلى والجرحى في شمال اسرائيل، لأنها ألزمت بنشر الأرقام الصادرة عن جهاز الرقابة الاسرائيلي، خصوصاً أن “نشرها ممنوع قبل مصادقة الأجهزة الاسرائيلية عليها”.
أما على الشاشات العربية، فقدم المراسلون تقاريرهم بعيداً من أي مقص رقابي. حتى في لبنان، كانت الوكالة الوطنية تجمع المعلومات من هنا وهناك عوض التفرّد في الخبر، في حين بدّلت شاشات المنوعات المحلية وجهة سيرها، وخصصت ساعات بثّ لنقل اخبار الحرب.
في المقابل، تفوقت الوكالات بتغطية المعارك السياسية ونقل التصريحات الصادرة عن طرفي النزاع. كما بذلت قنوات، منها “الجزيرة” و“العربية”، جهوداً مضاعفة، فقدمت نشرات اخبار كاملة من بيروت، وحرصت على نقل وجهات النظر المتباينة من العدوان وتداعياته الداخلية والخارجية.
وعزا بعض المتابعين سبب تراجع أداء وكالات الأنباء إلى قلّة مراسليها على الجبهة، خصوصاً أن كثيرين يخشون التوجه إلى ساحة المعركة، بعدما تعرّض زملاء لهم للقتل والخطف في العراق وغزة. اما السبب الثاني فهو اعتمادها على مراسلين أجانب، عددهم قليل، ومعرفتهم بالواقع وخفاياه سطحية. وكتب محلل فرنسي، منتقداً هؤلاء: “هم لا يفقهون شيئاً من واقع الأمور. يمكن أن يرووا لمشاهديهم الشيء ونقيضه من دون انتباه”. أما في لبنان، فأسندت الفضائيات دور نقل الحدث إلى شباب عربي مندفع، أغلبهم كان من أبناء الوطن المعرّض للقصف.
السبق الصحافي
على صعيد السبق الصحافي، استطاعت قناة “المنار” أن تحقق نسبة مشاهدة عالية بعدما نقلت حصراً صور انتصارات عسكرية لحزب الله: تدمير دبابات الميركافا، إحراق بارجتين...
وفي أوروبا واميركا، اعتمد العرب على الإنترنت للاطلاع على الأخبار. وسارع هؤلاء إلى زيارة مواقع “المقاومة” و“المنار” و“الجزيرة” و“العربية” لمعرفة آخر المستجدّات. وحين عطّلت اسرائيل موقعي “المنار” أو “مقاومة”، سارع العرب إلى زيارة موقعي “صامدون” و“غالبون”.
يُذكر أن وكالات الانباء، في المرحلة الاخيرة من أيام الحرب، اضطرت إلى نقل اخبار ميدانية عن “العربية” و“الجزيرة”، ناسبة الخبر اليهما، حتى إنها بدأت تنقل بعض بيانات حزب الله التي غابت كلياً عن مراسليها في السابق. وهذا أيضاً انتصار يسجل لمصلحة المحطّات العربية.