رنا حايك
يجلس ستة لاعبين حول خريطة كرتونية تمتد من عام 2000 قبل الميلاد حتى عام 2000 بعد الميلاد يغوصون في التاريخ وتنقذهم معلوماتهم العامة من خطر الوقوع في “الهاوية”.
“رحالة” لعبة تثقيفية ترفيهية تختصر أربعين قرناً من تاريخ المنطقة العربية في مجموعة من الأسئلة. وهي، باللغتين العربية والإنكليزية، موجّهة للشباب من سن 15 عاماً وما فوق. وتتناول العلوم والشعر والفنون والحروب والديانات.
اللعبة من ابتكار الباحثة الأردنية ريم عبد القادر عسقلان الحاصلة على شهادة ماجستير في تخطيط المدن من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وشهادة ماجستير في دراسات الشرق الأدنى من جامعة نيويورك. وكانت شركة “إنكوغنيتو” اللبنانية التي تملك منفذ “السي.دي.تك” لبيع الكتب والأسطوانات والأفلام هي السباقة إلى تسويقها في لبنان.
تقتحم “رحالة” سوقاً تطغى عليها الألعاب المستوردة من الغرب وتقدم بديلاً لها يبرز تاريخ منطقتنا، فهي “صُممت من الألف إلى الياء لجمهور عربي تملأ سوقه ألعاب مستوردة تحمل منطقاً أجنبياً وتتطلب في أغلب الأحيان معرفة بالثقافة الغربية فقط” كما تؤكد عسقلان.
من خلال رحلة استكشافية تمتد عبر ست حقب تاريخية (الحضارات القديمة الهيلينية والبيزنطية، بزوغ الإسلام، النهضة الحضارية،المماليك العثمانيون، عصر التحديث)، تقدم اللعبة نبذة عن التنوع الحضاري والثقافي الذي شهده تاريخ المنطقة العربية، وتُبرز الحضارة العربية بامتداداتها الجغرافية وبنتاجها الثقافي والعلمي وعلاقاتها مع الحضارات الأخرى.
و للحفاظ على تلازم الاستمتاع والمعرفة، تلجأ عسقلان إلى أسلوب طرح ثلاثة خيارات للإجابة عن السؤال المطروح. وتمثّل “رحالة” خرقاً في المنهج العلمي المعتمد في البلدان العربية الذي يعتمد على التلقين والحفظ، فتدفع اللاعبين من خلال بعض الأسئلة الى التعبير الحر عن آرائهم والتفكير ملياً ببعض الأمور، منها السؤال عن علاقة الدين بالدولة؟ أو هل التاريخ صادق؟. وهي أسئلة تتيح للاعبين استقطاع وقت للنقاش وطرح رؤاهم. يقدم كل لاعب وجهة نظره في السؤال المطروح ويقوّمه زملاؤه فيضعون له علامات بحسب درجة إقناعه لهم وبحسب أسلوبه في شرح رأيه، ومن شروط اللعبة ألّا يكون تقويم الاجابات مرتبطاً بتشابه القناعات. طرقت عسقلان أبواباً رسمية وغير رسمية بحثاً عن دعم لإنتاج اللعبة الموسوعية، لكن من دون جدوى. فقررت طباعتها على نفقتها الخاصة بجودة عالية، وطرحت كميات قليلة منها في الأسواق العربية، الأمر الذي يفسّر ارتفاع ثمنها (75 دولاراً).
ولا يقف طموح الباحثة عند هذا الحد، فهي تنوي إصدار اللعبة لاحقاً باللغة الفرنسية. كما تبحث مجالات تطويرها في المستقبل لتشمل طباعة نسخ مختلفة، إحداها للصغار (المرحلة الابتدائية)، وأخرى للمراهقين (المرحلة الإعدادية) وثالثة للراشدين. وتطمح عسقلان أيضاً إلى تحويل اللعبة من لوحة كرتونية إلى لعبة كومبيوتر وإلى برنامج تلفزيوني.
اللعبة دخلت السوق اللبنانية في 11 تموز الماضي، أي قبل العدوان الاسرائيلي. وأقامت مصممتها موقعاً إلكترونياً فيه الكثير من التفاصيل عن “رحالة”. والعنوان: