خالد صاغية
يستعدّ الرئيس السنيورة لدخول مرحلة ثانية من إعادة الإعمار. وهو كان قد جاء إلى رئاسة الحكومة بعد تجربة مديدة في وزارة المال. كان واحداً من أعمدة مرحلة «إعادة الإعمار» الأولى. تلك المرحلة التي انتهت بكارثة حقيقية، إن على صعيد التوزيع العادل للدخل بين المواطنين، أو على صعيد النموّ الاقتصادي، أو على صعيد المالية العامة.
ساد لغط في السابق حول هذه المسائل. أعطي النقاش في الدين العام الأولويّة. تهرّب عديدون من تحمّل مسؤوليّاتهم. لكنّ أحداً لم يسبق السنيورة إلى نظريّته الجديدة.
فرئيس الحكومة، بعد تلاوة مشروعه الإعماري الغامض والمليء بالنيات الحسنة، ارتأى أن يعرّج على المرحلة السابقة، وأن يذكّر بالدين العام. فأتحفنا بالنظرية القائلة بأنّ «تراكم الدين العام كان في معظمه ناتجاً من ستّة اجتياحات إسرائيلية». إنّها الاجتياحات الإسرائيلية إذاً. هي التي سبّبت الدين العام. تلك الاجتياحات التي من ضمنها اجتياحات 1982، و1978، و1969! ضربة معلّم فعلاً. فمن جهة، يبرّئ السنيورة ذمّته وذمّة حكومات ما بعد الحرب من سوء إدارة المالية العامة في السنوات السابقة. ومن جهة ثانية، تزايد الحكومة بوطنيّتها عبر اتّهام إسرائيل بالدين العام، وهي (أي الحكومة) كانت قد حاولت تعرية المقاومة، وكادت تطالب برأسها في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تخوض معركتها على لبنان.
لا داعي لهذه المزايدة، ولا لهذه «الحربقة»، فكلتاهما منافيتان لمفهومَيْ «الشفافية» و«المساءلة» اللذين سيمثّلان، بحسب رئيس الحكومة، شعار المرحلة الإعمارية الثانية.