نيبال الحايك
على المنحدر الأول في مدينة شتورا البقاعية يقف أسدان كبيران يحميان “حانوتاً” صغيراً على مدخله تحت لوحة “Napoleon”.
يحفظ أهالي البقاع وزوّاره هذا الحانوت، فهو هنا منذ سنوات طويلة، والأسدان موجودان لم يهجرا “الميدان” على رغم الحروب التي مرت على لبنان وعلى رغم العدوان الاسرائيلي الأخير، فيه مئات التحف والتماثيل الشرقية التراثية والتحف التركية والفارسية، إضافة الى صور قديمة جداً للبنان وعاصمته بيروت بالأبيض والأسود، تتوزّع جميعها على “رفوف” منظمة للسيد جوني رشيد عواد (75 سنة) الذي يفتخر باسم محله “نابليون”!
ونابليون هذا هو اسم لمتحف تراثي نال شهرة واسعة منذ أوائل الستينيات من القرن الماضي، “أيام العز في شتورا وفي لبنان كله” كما يقول عواد.
وحينما يُسأل لماذا اختار نابليون اسماً للمتحف، يجيب عواد على الفور: “أنا معجب جداً بالسيد نابليون الذي دخل التاريخ من بابه الواسع وكان قدوة للحياة الإنسانية كما أراها أنا من وجهة نظر خاصة بي، وقد لا تعجب سيرته البعض... فنابليون من عباقرة التاريخ الذين تحفظهم الذاكرة الإنسانية، وأنا أحببت أن أطلق اسمه على محلّي في شتورا لشدة إعجابي به”!!
اختار عواد إقامة متحفه في مدينة شتورا لأنها “صلة وصل ما بين بيروت والبقاع.. ولأن البقاع أهراء للإثارات والتاريخ، وشهد “هجمات” لا تعد ولا تحصى من السياح الأجانب الذين كانوا يأتون الى لبنان للاطلاع على قلعة بعلبك أو لحضور المهرجانات الفنية، وكانت حركة العمل لا تهدأ على مدار الساعة...!”
يتحسّر جوني على أيام الماضي “يوم كان للشغل عزّ ومردود مالي. فشتورا ما قبل الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 كانت مدينة استراتيجية أيام الصيف... ومركزاً مهماً جداً، بينما شتورا اليوم في طي النسيان...”، يتنهّد عواد بعد هذه الجملة وينظر حوله كمن يسأل هل من سبيل لتعود إلى شتورا أيامها الجميلة؟
يضمّ متحف “نابليون” في البقاع حالياً آلاف التحف والقطع التراثية النادرة جداً، وهي مكدّسة تنتظر من يشتريها أو حتى يلقي عليها نظرة واحدة. ويقول السيد جوني عواد إن محله معروض اليوم للبيع: “لم أعد أستطيع تحمّل الخسائر، فمنذ أيام لم يزر دكّاني زبون واحد، وبالتالي أرهقتني الديون..”.
جمع “نابليون” أثرياته من مختلف البلدان “كنت أزور الهند وباكستان وتركيا وسوريا والصين، وأحضر كل أنواع التحف والقطع التراثية وأشكالها، ولكن اليوم ومع تأزّم الحالة الاقتصادية، أحضر بعض القطع من جنوب لبنان، وهي مصنوعات حرفية بسيطة يفضّلها بعض الزبائن المحليين...”.
سئم عواد انتظار الزبائن وحراسة الحانة ــ المتحف مع زوجته التي تفتخر بما صنعه زوجها في تحويل محله الى مقصد هام للسيّاح العرب والأجانب أيام العز... فهل سيبقى “نابليون” ينبض بالحياة في شتورا، أو أن شتورا ستحكي عنه في يوم من الأيام لتقول إن “نابليون” كان متحفاً هنا شهد أيام عزّ ثم خفت وهجه وراح ينتظر الزوّار.