صباح أيوب
انتهت الحرب العسكرية. أصبح بــإمكـــانك أن تــــبقي الــــتلفزيون مطفأ في الصباح. لا بل من الــــضروري ألا تــــبدأ نــــهارك مع وجـــبة دسمة من الفـــقرات السياسية التي تطالعنا بها «الــــفــــترات الصباحــــيــة» في المحـــطات المحلية. تلك الفقرات أعادت إلى الشاشة، بكثرة غير مــستحبة، جوقات المحللين والمهللين.
لقد تابعنا لأكثر من شهر صوراً ومشاهد وأخباراً عاجلة، كان من الصعب أن نتخيلها «مباشرة» و«بالصوت والصورة» مع بداية كل يوم. كنا نغفو على صور غارات الضاحية، ونستفيق على صور ضحايا القرى الجنوبية. أصبح الأمر طبيعياً، على فظاعته، إذ كنا في حالة حرب وتأهب نفسي وجســـدي وإعــلامي. وكانت المشاهد الأولى في سجل يومنا الحافل كـــفيلة تحـــديد درجة الغضب أو الرفض أو الحماسة التي ستطغى علينا مع تقدم ساعات النهار.
اليوم، مع «وقف العمليات الحربية» وعودة المحطات التلفزيونية لالتقاط أنفاسها ونفض غبار الجبهات والصـــواريخ «المبــــاشرة» عنها، انتـــقل المشاهد إلى مرحلة باهتة: وهـــي تحـــليل حـــقــــبة ما بعد الحرب.
في هذه الفترة، شرعت المحطات أبوابها و«فتحت هواءها» لضيوف سياسيين وإعلاميين، يغرقون المشاهد في نظريات وتصريحات، قد تكون مضرّة لصحته في ساعات الصباح الأولى. هذا ما يحصل في الاستوديو وما يتكرر خلال اليوم على أرض الحدث، بعدما باتت «أرض الحدث» هي أنقاض الضاحية، والحدث جولات «فضولية» لشخصيات عربية ومحــــلية، لا تخــلـــو من الاستعراض!
دبّت الحياة الصاخبة مجدداً، وفي شكل سريع ومزعج. لم تأخذ المحطات «فرصة» أو دقائق استراحة. وها هو الإعلام يعيد إلينا أشخاصاً ابتعدوا عن الواجهة في فترة الحرب. ربما كانوا «يحللون» طوال فترة الحرب، لكن الكاميرا هي التي تحولت عنهم.