فيرا يمين
حمل سميح زعتر خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان الكاميرا، وبحسّ المصوّر المتابع للأحداث توقّع ان تقصف اسرائيل عمود الارسال على جبل أيطو. شهر كاميرته واتخذ الصور. وما كاد يقطع مسافة 1000 متر حتى بدأت غارة اسرائيلية فصوّر القنابل تسقط على العمود. شنت الطائرات الاسرائيلية غارتين، أخطأت هدفها في الأولى وسقط العمود في الثانية، هوى ولم تبق منه سوى القاعدة.
لا يزال أهل المنطقة يذكرون القصص عن ذلك العمود الذي سموه “قرن أيطو”. دُشّن في 8 آذار 1974 لتقوية ارسال اذاعة لبنان الرسمية، لكنّ التجربة لم تنجح فالموقع حوّل الهوائي الى جاذب للصواعق في الشتاء، وحال الضباب دون توسيع البث.
لم تنجح التجربة الأولى لكن العمود بقي شاهداً على مرحلة ما قبل الحرب الأهلية، ولم يستخدم الاّ في ظروف محدّدة واستثنائية في “حرب السنتين” حينما حصل “تناغم” بين هوائي “أيطو” واستديوهات عمشيت. وتشكّل حينها فريق اعلامي واحد وكانت “اذاعة لبنان من عمشيت”.
بعدما انتهت الحرب عاش العمود عزلة “هوائية”، وصار جزءاً من الجبل، له حضور في الصور، وفي اللوحات الزيتية. لم يكن له “دور إعلامي” ولا وظيفة تقنية يؤديها لكنه كان جزءاً من المشهد الذي حفظه أهالي المنطقة الى ان اختارته اسرائيل هدفاً لغارتين شنتهما طائراتها الحربية. لماذا قصف العمود؟ تتعدد إجابات سكان البلدات المحيطة بالجبل. البعض يقول إن “قدّه الممشوق” هو السبب، وآخرون يرون أنه جزء من القصف الذي طال الشمال. وآخرون يروون أن الجيش الاسرائيلي اعتقد بأنه يساعد في بث إذاعة ما.
بين 1974 و 2006 كان لأيطو “قرن” ومن بعده صار الجبل أصلع، ولكن ثمة من يعتقد بأنه ما دامت قاعدته موجودة فقد يرتفع عليها عمود جديد.