حنان فرفور في عالم الشعر الوعر

  • 0
  • ض
  • ض

في كتابها الشعري الأوّل «لو» تحاول الشاعرة حنان فرفور أن تكتب الشعر بلغتها الخاصة، أن ترسم ما تود قوله بكلماتٍ مقفاة تجعله أقرب إلى المتخيّل لكنها بنفس الوقت حاولت أن تزرع شيئاً من أمل حتى ولو على «شفاه» ذابلات.

تحاول أن تخوض «الصعاب» من خلال قصائدها، حيث تريد مجابهة ذكورية الرجل من خلال قصيدة «إعلان» التي تنتقد فيها كل ما يحويه «خيال» الرجل النزق الغارق في التفاصيل التي يريدها في «أنثاه» ويصل الأمر إلى مقضتاه حينما تجيبه الأنا/الشاعرة: «عفوك سيدي؛ ما كنت أعرف أنك تريد دميةً بأزرارِ». الأمر نفسه نجده في قصيدة «الصورية الأولى» التي ترسم لنا الشاعرة عالمها/شخصيتها الخاصة ذات الغضب/الحب/الانفعال الخاصين بها، فتقول: «فحبل العشق موصولٌ، إذا ما يوسف أرخى، وإذا لم يأتِ من شغفٍ، حبال الود أرميها».


تهدي بعض القصائد إلى ضحايا العنف الأسري وإلى الشهيدة الفلسطينية أشرقت قطناني
يبدو الشعر مع حنان ذكياً إلى حدٍ كبير، تحاول «لملمة» تفاصيله من هنا وهناك فتقترب من السياسي حينما تكتب قصيدة «ربيب الصخور» وتهديها إلى الشهيد سمير القنطار قائلة: «واكتب بجرحك تاريخاً ومعجزةً/ وليصفع العرب جرح فيك ما اندملا».
كذلك تهدي قصيدة «أشرقت» إلى الشهيدة الفلسطينية أشرقت قطناني التي تقول فيها: «قالوا إنك كنتِ جميلةً بقدر سكين/ ينبت في حضن خميلة، قالوا إن جدائلك لا تشبه إلا صوت الله إذ يسكب في أذن نبي، نهر فضيلة». الأنثى تتحوّل قضية عامة كما في قصيدتها «الكنزة الصوفية» التي تهديها إلى ضحايا العنف الأسري والتي تعد واحدة من أجمل قصائد الديوان: «تدوس بنعليك كنزتنا الصوفية، أتذكرها؟ قضيتُ الليل أقنع خيطاً، يغدو جناحاً، إن صدرك فجراً برد! يساقط منها كفي، أصابع عشرة، تستظهر غيباً في بوح الزهر ولد، تمزقها؟!». تبرز بعض القصائد جوانب أخرى من الشاعرة حينما تظهرها بوجه مختلفٍ عن لغة الديوان المعتادة ففي قصيدة «ألف جميلٍ يموت» تقول: «هلمي، فألف جميلٍ يموت/ ويحيا بحضن النساء الغرام»، هي فكرةٌ ذكيةٌ للغاية، لكن «قصر» القصيدة جعل الفكرة تقتطع، ولربما كان يمكن العمل على إطالتها
أكثر.
تبدو اللغة المستخدمة في الديوان جذلة، ولكنها بالتأكيد بحاجة إلى بعض من مراس، خصوصاً إذا ما أرادت إصدار دوواين أكثر في المستقبل، حيث «تتعبُ» اللغة في بعض القصائد، وتبدو «منهكةً» لجهة استخدامها «القافية» في كثيرٍ من قصائد الديوان. ألم يكن من الأفضل مثلاً لو تركت «القافية» ومضت في شعر التفعيلة؟ أو مثلاً الشعر الحر بشكله المرسل؟ ما هو منطق «ارتباطها» بالقافية؟ يمكن الإشارة بالتأكيد إلى «مفضلات» الشعراء، لكن أيضاً يجب التنبه إلى أنَّ المقفّى ينهك شاعرية الشاعر في كثيرٍ من الأحيان.
كذلك يمكن الإشارة إلى اقترابها من جهة المضمون من «المعتاد/اليومي» وهو ما يجب أن تبتعد عنه كي يقترب ديوانها أكثر من «العام» ويقارب الجمهور الشعري أكثر فأكثر؛ فكلما اقترب الشاعر والقصيدة من الناس جميعهم باتت تمثّلهم وبات هذا الشعر عالمياً. في المحصلة إنه ديوانٌ أول يستحق القراءة لشاعرةٍ تحاول شق طريقها في عالم الشعر الوعر عادةً.

0 تعليق

التعليقات