يعود برنامج «أشغال فيديو ٢٠١٦» الذي تنظمه «الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية ــ أشكال ألوان» مع ستة أفلام ستعرض على مدى ثلاث ليالٍ متواصلة بين ٩ و١١ حزيران (يونيو). اختارت المشاريع الفائزة هذه السنة لجنة التحكيم التي جمعت كلاً من منيرة الصلح، وغسان سلهب، وأحمد غصين، ورانية اسطفان. أما بالنسبة إلى الكم العددي للأفلام المعروضة الذي هو أقل مقارنة بالسنوات السابقة، فذلك يعود لسببين وفق مؤسسة ومديرة «أشكال ألوان» كريستين طعمة. تشير الأخيرة إلى أنّ برنامج «أشغال فيديو» سيقام كل سنة بدلاً من كل سنتين كما جرت عليه العادة. أما السبب الثاني، فهو لخلق مساحة منفردة ومتجانسة في برنامج «أشغال فيديو» الذي سيقتصر على الأعمال التي تمثّل بأغلبها التجربة الأولى للمخرجين الشباب الفائزين بالمنحة.
يروي بانوس أبراهميان عن تاريخ بلدة عنجر الذي يتماهى مع تاريخ الأرمن
أما المخرجون الذين هم أكثر تمرساً في عالم الفيديو، فستُخصَّص لهم برامج ومنح أخرى تقدمها «أشكال ألوان». من الأعمال التي ستعرض «متنا وما زلنا هنا» (9 د) لمحمد كنعان (1989). ضمن إطار ذي طابع سوريالي، يشرح المخرج علاقته مع الموت وتماهيه مع عمه المتوفَّى الذي يشبّهونه به. البطل منهمك في الحفر، والذباب يحوم حوله وحول الكاميرا التي يرتطم بها أو يحاول اختراقها. يعبر غرباء في خلفية المشهد أو أصواتهم في خلفية الشريط الصوتي للشريط، كما موسيقى الدبكة المتقطعة، فيما المخرج جالس في سيارته الذي جرها إلى قبره الافتراضي الذي يخرج منه في ما بعد ويعاود الحفر. ما يحاول المخرج طرحه أو تصويره هو لعبة الموت. هو حي، هو ميت ثم يعود ليحيا من جديد ويستكمل الحفر حيث لا نهاية منشودة إلا مهمة الحفر نفسها. ليس بعيداً عن ثيمة الموت أيضاً، تشكل المخرجة هبة فرحات عالم فيلمها «الشجرة» (10 د) الذي يتناول في بدايته تقريراً إخبارياً عن حادثة قطع الجيش الإسرائيلي لشجرة تقع على السياج الفاصل بين الحدود اللبنانية والإسرائيلية، والكشف أثنائها عن كاميرا مراقبة معلقة على السياج. يتخذ الفيلم فيما بعد منحى أكثر تجريدية. من فكرة الشجرة، تخلق المخرجة عالماً خيالياً، فتصور رجلاً يعيش داخلها، ويسقط منها فجأة، وليس من الجنة كآدم بل من الموت. يعود الميت إلى أهله، إلا أن هؤلاء للطرافة لا يستغربون وجوده ولا يرحبون به أيضاً. تركيبة اللغة السينمائية هي أشبه بالحلم أو بالكابوس، معبّرة في هندستها البصرية وتتسم في بعض اللقطات برمزيتها الفجة كما مشهد الدم على قدم الصبي أو الإصبع المجروح. رمزية قد تكون مكررة، لكنها تنسجم مع رمزية عالم الأحلام، والحوار الذي تنسجه المخرجة يتماهى في تعبيريته مع غرابة العالم الذي تصوره. أما في «يباندجو» (29 د) فيصور المخرج بانوس أبراهميان بلدة عنجر على الحدود اللبنانية السورية التي يمثّل الأرمن غالبية سكانها. يتواتر ماضي البلدة مع حاضرها من خلال سرد المخرج. يروي عن تاريخ بلدة عنجر الذي يتماهى مع تاريخ الأرمن، وحقبة الكفاح المسلح، وتأثرها في الحاضر بما يجري في سوريا مع مجيء السوريين الذين لجأووا إليها هرباً من الموت، ووجهة نظر أهالي البلدة تجاههم المتنازعة بين الخوف والتعاطف. بينما قد يتفاخر بعض الأهالي بفرض حظر التجول على السوريين كأنما يطمئنه ذلك، يؤكد بعضهم الآخر أن مشاكل البلدة ليس لها أي علاقة بأزمة اللجوء السوري، وهي بالأساس اقتصادية وبيئية. الشريط يقترب من الوثائقي الفني في بنيته السردية. من خلال اللغة السينمائية، وعبر التواتر بين الماضي والحاضر، يرصد المخرج إيقاع الحياة الخاص في بلدة عنجر المتنازعة بين الرقة والقسوة في شخوصها كما في مشهديتها، كما التناقض بين هدوء النهر وخرير الماء والكلب الذي يعوي في إحدى لقطات الشريط. بالإضافة إلى الأفلام المذكورة، يعرض فيلم «شارع الموت وقصص أخرى» (15 د) لكرم غصين الذي يصور تاريخ منطقة تقع في إحدى ضواحي بيروت من خلال الذاكرة الفردية للشخصيات التي يجمعها المخرج في شريطه والتقائها مع الحاضر. كذلك، نشاهد فيلم «صدفة» (13 د) لآلان كنتارجيان الذي يصور رحلة طفل يغادر منزله بمفرده ليلاً، والمشاهد الطبيعية المختلفة الذي يتفاعل معها إلى أن يصل في نهاية رحلته إلى تلة النفايات العظمى في منطقة الدورة، إلى جانب عرض فيلم «لايم سونغ» (3 د و38 ثانية) للمخرجة ليا لحود.

«أشغال فيديو 2016»: العروض أيام 9 و10 و11 حزيران (يونيو) ـــ تعرض جميع الأفلام عند السابعة مساء وتعاد في التاسعة مساء ـــ «مركز بيروت للفن» (جسر الواطي) ـ www.ashkalalwan.org