باستثناء المعلّقين على الصفحات الشخصية لصنّاع الجزء السادس من مسلسل «ليالي الحلمية» (ﺇﺧﺮاﺝ مجدي أبو عميرة، وﺗﺄﻟﻴﻒ أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين)، من الصعب العثور على من أبدوا إعجابهم بعودة الدراما الكلاسيكية الأشهر في مصر مجدداً. إذاً، مغامرة الجزء السادس لم تجد حتى الآن من يحنو عليها. بعد اليوم الثالث من رمضان، لا يمكن القول بأنّ مغامرة الجزء السادس من «ليالي الحلمية» مرّت بسلام، أو حتى الاستقبال الجماهيري لها كان متوسطاً على الأقل. بالعكس، سادت حالة من الإحباط تجاه العمل في حلقاته الأولى. إحباط يعرف المعنيون بدراما رمضان جيداً أنه يعني انصرافاً كاملاً عن المشاهدة لاحقاً، خاصة أنّ زحام السباق الرمضاني لا يمنح المتفرّج صبر الانتظار، لعلّ البداية الضعيفة تتحسّن بعد الحلقات الأولى. باختصار، خسر صنّاع «ليالي الحلمية» الرهان وتحقّقت توقّعات الذين حذّروا من التصدّي لإحياء مسلسل بهذه الأهمية بالنسبة إلى الذاكرة المصرية والعربية. اختفى المنطق تماماً عن الشخصيات العائدة بعد غياب استمر 21 سنة، سواء تلك التي يجسّدها الممثلون ذاتهم، أو الذين دخلوا بديلاً لهم. كذلك، تحمّلت إلهام شاهين تحديداً، عبء العمل، رغم أنها لم تكن البطلة الرئيسية في الأجزاء الخمسة الأولى، إذ دخلت من الجزء الثالث ولم تكن ضمن الطاقم الرئيسي للعمل. بات واضحاً أن صنّاع المشروع، تحديداً مؤلفاه أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين، اضطروا لليّ عنق الدراما أكثر من مرة من أجل الخروج بالمشروع إلى النور. مثلاً، عندما تجد زهرة غانم (إلهام شاهين) تبكي علي البدري، فالجمهور يعرف أن ذلك بسبب الوفاة المفاجئة لممدوح عبد العليم قبل بداية التصوير، لا لأن الدراما كانت تقول بأن الشخصية يجب أن تموت في أحداث الجزء السادس. كذلك، تطوّرت شخصية زهرة غانم وباتت سياسية من الجيل المجدّد للحزب الوطني الحاكم قبل «ثورة يناير»، وهو الجيل الذي فشل في إنقاذ الحزب من الانهيار. يجد المتفرّج نفسه محاصراً بصور حسني مبارك وعاجزاً عن الفصل بين شخصية شاهين المؤيّدة له في الواقع، والمنحازة إلى حزبه في المسلسل. المنطق غاب أيضاً عن شخصية نازك السلحدار (صفية العمري)، ثالث شخصية قامت على أعناقها أسطورة «ليالي الحلمية»، إلى جانب يحيى الفخراني وصلاح السعدني. سيدة فوق التسعين لا تزال صبيّة بل تظهر أصغر من نجلها عادل البدري (هشام سليم). المنطق غاب أيضاً عن شخصية أنيسة التي جسدتها أولاً فردوس عبد الحميد ثم محسنة توفيق، وذهبت المهمة في الجزء السادس لسميرة عبد العزيز، التي تظهر وهي ترعى نجل زهرة غانم كما رعت حبيبها المتوفّى علي البدري قبل نصف قرن. كأنّ هذه السيدة قدرة خارقة على رعاية الأطفال منذ عهد الملك فاروق حتى عهد حسني مبارك. هكذا تمسّك صناع العمل ومخرجه مجدي أبو عميرة بالخطوط التي يمكن الإبقاء عليها وأكملوها كما هي، بعيداً عن المنطق وعنصر الزمن. كما غيّروها في خطوط أخرى مرتبطة بالجيل الجديد من أحفاد صنّاع الليالي من خلال الممثلين الشباب محمد عادل، وحمدي الميرغني، فشعر من يتفرّج عليهم بأنه يتابع مسلسلاً آخر. باختصار، خرج المشروع مشوّهاً، لم ينجح في الاحتفاظ برائحة المسلسل الكلاسيكي الشهير، ولا قدّم عملاً معاصراً يمكن الجمهور في 2016 مشاهدته من دون الحاجة للتحسّر على ما كتبه أسامة أنور عكاشة وخرج للناس بتوقيع إسماعيل عبد الحافظ.

«ليالي الحلمية» يومياً 03:00 - 21:30 على lbci
على قناة «الإمارات» 17:30
على قناة «الحياة 2» 19:00
على قناة «النهار الأولى» 00:00