يضم برنامج «مهرجانات بيت الدين الدولية» هذه السنة أمسية للمغني الإنكليزي Seal في 14 تموز (يوليو) الجاري. إنها حفلة من العيار الثقيل على المستوى الشعبي، نظراً الى الشهرة العالمية الواسعة التي يتمتّع بها الرجل الشديد السمرة وصاحب الصوت الجميل والطاقة الجاهزة لتنفيذ أي قنبلة صوتية، والوجه المخطّط بندوب سببها مرضٌ جلدي لا مبضع تجار الرقيق.
من المرجح أن تتمحور الأمسية حول ألبومه «7» الذي صدر الخريف الماضي
بدايةً نودّ الإشارة إلى أنّ على الموقع الإلكتروني للمهرجان الشوفي العريق نجد الموعد مدرجاً تحت خانة البوب-روك وليس الجاز والبلوز والفانك والسول وغيرها من الأنماط التي يمكن أن توضع في سلة واحدة. هذا في الوقت الذي نجد أمسية الثنائي الإسباني/ البرتغالي، بويكا وكارمينيو، تحت خانة الجاز، بينما كان المفترض أن تنسب إلى موسيقى الشعوب، باعتبار أنها أمسية فلامينكو وفادو، أي النمطَان الشعبيَّان «الرسميَّان» في اسبانيا والبرتغال على التوالي. «الخطأ» في تصنيف الفلامينكو والفادو لا شك فيه، بينما يحيلنا إدراج Seal تحت خانة البوب-روك إلى الملامح المحتملة للأمسية، علماً أننا نقاربها في ملفّنا هذا ضمن صفحات الجاز وتوابعه لأسباب «نفسية» بحتة! الرجل صاحب تجربة منوّعة، تصلح بجزءٍ منها (أشهر أغانيه) لأن تسمّى بوب (وفيها البوب الخفيف والسول الحديث الخفيف وغيرهما) بينها الجزء الآخر، وهو نسبياً محدود وأقلّ شهرة (لأنه الأفضل والأغنى موسيقياً!)، يصلح لأن يلصق بالجاز، باعتبار أنه يضم أغنيات بلوز وفانك وسول وRnB غير تجاري. هذا الجزء الأخير يتألف تحديداً من ألبومَي Seal الأكثر ثقلاً لناحية التوزيع الموسيقي ويحملان عنواناً يدلّ إلى حدٍ ما على المحتوى: Soul (2008) وSoul 2 (2011). في هذين التسجيلين، يستعيد المغني صاحب الصوت القوي مجموعة من كلاسيكيات السول والفانك والبلوز بإعداد أوركسترالي يحمل توقيع عدة موزّعين، اثنان منهم يعدّان من أبرز موزّعي الأغنية الشعبية الغربية في العقود الأخيرة وفي الأنماط كافة (بدءاً من البوسا-نوفا وصولاً إلى البوب الخفيف). الأول هو دايفد فوستر (صاحب الحصة الأكبر في الألبوم الأول) الذي يرأس، بالمناسبة، منذ عام 2011 مجموعة Verve (من أعرق ناشري الجاز وغيره في العالم). أما الثاني فهو الموزّع العتيق دون سيبيسكي صاحب التاريخ الغنيّ والغنيّ عن التعريف في هذا المجال (لا يشارك في الثاني)، بالإضافة إلى تريفور هورن الذي يشكل أساس الألبوم الثاني من هذه الناحية.
لنكن واقعيين. إن احتمال أن يشكّل الألبومان المذكوران محور الحفلة مستبعد جداً لأسباب عدة. أولاً، أصدر Seal أخيراً ألبوماً بعنوان «7» وهو عملٌ يندرج في إطار البوب والسول الحديث، بالتالي من المرجّح أن يقوم بترويجه في جولة حول العالم (يشكل لبنان إحدى محطاتها). ثانياً، إن أراد أن يمتّع الجمهور، بالإضافة إلى جديده، سيعمد الرجل إلى أداء أشهر أغانيه وهي من نفس الخط المرسوم في الألبوم الجديد، وهكذا يبقى البرنامج متجانساً لناحية الشكل والمضمون. ثالثاً، إن Soul و2 Soul يحتاجان إلى أوركسترا كاملة لتنفيذهما على المسرح، بينما يمكن الاكتفاء ببضع آلات لتقديم «7» (مع العلم أنه يحوي أقلّه أغنيتَين تحتاجان إلى فرقة كبيرة) وبعض القديم المشابه له. كل هذه الأسباب تبدو كافية (منطقياً ولوجستياً) لكي لا نتوقع كثيراً من هذه الحفلة إن كنّا نفضّل Seal الأقرب إلى البلوز والسول الأوركسترالي والـRnB المشغول بإبداع والفانك المزخّم بتوزيعات محترمة. أو، لكي نتوقّع الكثير الكثير إن كنّا من عشاق وجهه الثاني، أي عمله الأخير وأشهر أغانيه القديمة. بالتالي، لا يوجد سبب لإصرارنا على إدراج المقالة المخصصة له في الجانب المتعلّق بالجاز (كعنوان كبير وليس كنمط) سوى أننا، من جهتنا، نفضّل Seal الآخر، ذاك الذي لن نستمتع به في «بيت الدين» هذه السنة.
Seal مولود عام 1963. بدأ مسيرته المهنية بشكل محترف مطلع التسعينيات، لكن ما لبث أن انتشر اسمه في المعمورة مع أغنيات حققت مراتب أولى في فئتها، مثل Crazy وKiss from a Rose اللتين يذكرهما الإعلان على موقع «بيت الدين». عشقه مَن عشِق في السابق الأسطورة مارفن غاي، وتماهى معه الجيلان القديم والجديد. أصدر تسعة ألبومات خاصة لغاية اليوم، آخرها «7» الذي صدر الخريف الماضي وحوى 11 أغنية تحمل جميعها توقيع مغنّيها لناحية النص. ويقال إن بعضاً مما جاء فيه من أغنيات عاطفية يحمل ندوب طلاقه من زوجته عارضة الأزياء الألمانية هايدي كلوم، إذ انفصلا عام 2012، أي قبل بدأ التحضير للألبوم الجديد.