جاءت كاترين كاتاروزا إلى لبنان في عمر تسعة أشهر. كان ذلك قبل زمن الحروب. عمل هذه المصوّرة والفنانة البصرية يتمحور حول مفهوم الأرض والحدود... حدود بلدها كما حدود ذاك البلد الذي صار حكماً وطنها. مشروعها الأخير رحلة فوتوغرافية تمتد على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية. كانت كاترين قد عثرت على أفلام قديمة تنتهي صلاحيتها بتاريخ اندلاع حرب تموز 2006، فانخرطت في مشروع يرمي إلى القبض على تلك الحدود بعد مرور عشر سنوات على انتصار المقاومة على إسرائيل. هكذا، جابت تلك المعالم المتشابكة، و«المنفصمة» التي تشكّل الشريط الحدودي، بما أنّ لا سلام!ما وراء الهدنة الهشة، تدور عجلة الحياة هناك. بينما تواظب الحكومات الغربية على أبلسة جنوب لبنان حتى حدود الكاريكاتورية، قررت المصوّرة الفوتوغرافية إعادة الوجه الحقيقي لهذه البقعة، عبر التقاط يوميات الأهالي. هكذا، جاء جنوب لبنان على صورة عمل الفنانة، إنسانياً، حكماً إنسانياً!
* المقدمة وتعليق الصور بقلم المخرج والمصوّر وفنان الفيديو الفرنسي

1): بين مروحين ورامية، تقف مزارعة في حقل التبغ، أمام الخط الأزرق الذي رسمته الـ «يونيفيل». الحدود تكاد تكون غير مرئية لولا جهاز التنصت المرفوع عند القاعدة العسكرية الاسرائيلية بالقرب من بلدة زاريت
2) كما في زمن الستار الحديدي الذي شطر برلين، تذكّر هذه اللوحة السياحية على مدخل بلدة طربيخا، بالرعب الذي عاشه أهل القرى، وبذلك الجرح المتمثل في تلك الأراضي المحتلة، أراض مشطورة نصفين.
3) «حديقة إيران» في مارون الراس، واحة لعب للأطفال. مسار المحارب الذي يحاذي حواجز القفز، يذكّر بعمليات التدريب التي كان يخضع لها المقاومون.
4) في «حديقة إيران» المطلة على الحدود في مارون الراس، يقلّد أحد السيّاح كما فعل كثيرون قبله، حركة التمثال الذي يشير إلى هناك... إلى فلسطين المحتلة.
5) والد وابنه يقفان أمام الجدار الاسمنتي الذي بنته اسرائيل قرب بوابة فاطمة، رمز انسحاب «تساحال» عام 2000 وانتهاء الاحتلال الاسرائيلي. على الجدار، اسم «برلين» الذي يذكّرنا بأنّ الجدران ستسقط يوماً ما.
6) بين بوابة فاطمة وكفركلا، تظهر الحدود، وأجهزة المراقبة والتنصت الاسرائيلية. هنا يمكن تلمّس حالة الحرب.
7) نظرات هذه المرأة المسمّرة على زوجها الشارد في ما وراء الحدود، تقول كل شيء. من موقعهما عند مطلّ كفركلا، يتراءى في البعيد جبل الشيخ والسهل الخصيب الذي سرقته اسرائيل من لبنان.
8) يأتون إلى كفركلا كما يزورون مناطق سياحية أخرى في لبنان. يأتون كي يفكّروا، ويتذكّروا، كي لا ينسوا.
9) عند المطلّ المشرف على الجليل المحتل، رجل يشير لأبيه صوب البعيد، هناك حيث القرية التي لا يستطيع الذهاب إليها بعد اليوم.