في شهر آب (أغسطس) قبل أربع سنوات، كانت صيدا (جنوب لبنان) في عزلة أسَرَها فيها أحمد الأسير باعتصامه المفتوح على الأتوستراد الذي يربط الجنوب وبيروت. العزلة لم تُفك برغم فك الإعتصام. المزاج المذهبي والخلافات السياسية بين مرجعيات تُحسب عليها البلدية وجمعية التجار والمرجعيات الجنوبية، أطالا أمد العُزلة. خلال العام الجاري، اقتنعت القوى الصيداوية النافذة بأنّ «بوّابة الجنوب» لا تحيا من دون الجنوب. الخطاب الهادئ والمنفتح تجاه الجوار، جذبا مجدداً الزوار والسياح. البلدية تلقفت المناخ الإيجابي ودعمت مشاريع سياحية، أبرزها إطلاق اللجنة الوطنية لـ «مهرجانات صيدا الدولية». منذ ثمانية أشهر، بدأت عشر سيّدات صيداويات، بعضهن يعملن في قطاع الأعمال، ببحث إمكانية تنظيم مهرجانات سياحية على غرار المهرجانات الأخرى في المناطق اللبنانية المختلفة. قبل أسابيع، أعلنت اللجنة عن نفسها، بعدما استشارت مرجعيات المدينة. الفكرة لم تكن سهلة لولا الغطاء الذي وفّره رئيس البلدية محمد السعودي ونائبا «تيّار المستقبل» بهية الحريري وفؤاد السنيورة. صيدا ارتبطت لسنوات بالإطار الديني المحافظ، وشهدت حملات هجومية ضد إحياء حفلة ما أو مسرحية ترفيهية معيّنة، فضلاً عن منع بيع وتناول الكحول في كل المحال والمطاعم تقريباً. لا ترتبط المهرجانات بحاضر المدينة، إنّما بماضيها. في الستينيات، كانت هناك «مهرجانات صيدا». حاولت بهية الحريري إحياء اللجنة قبل سنوات، لكن أجواء المدينة لم تكن مشجّعة. أمس، اصطفت السيّدات في «استراحة صيدا» لإطلاق برنامج الدورة الأولى من «مهرجانات صيدا» التي ستجري بين الرابع والخامس والعشرين من أيلول (ستمبر) المقبل. تحدثت باسم السيّدات رئيسة اللجنة نادين كاعين، برعاية وزير السياحة ميشال فرعون. قسمت السيدات البرنامج إلى سياحي وفني. الإفتتاح سينطلق من المعالم السياحية والتراثية في المدينة حيث يصطحب الزوّار في جولة يتخلّلها غداء. نانسي عجرم ستغني في 16 أيلول على الواجهة البحرية الواقعة خلف الملعب البلدي. أما غي مانوكيان، فسيعزف في اليوم التالي في المكان نفسه. وستُخصص باصات لنقل المشاركين من بيروت إلى عاصمة الجنوب وبالعكس. المحطة الختامية ستكون في 25 أيلول عبر «مهرجان الألوان» الذي سيتضمن أنشطة ثقافية وفنية لكل أفراد العائلة، إضافة إلى زيارة إلى مقام «سيّدة المنطرة» في بلدة مغدوشة (قضاء صيدا). حداثة المهرجانات والسعي لاستقطاب الزوار، دفع باللجنة إلى تحديد أسعار «مقبولة» لبطاقات الدخول، تراوح بين عشرين ومئة دولار أميركي.