قبل شهرين تقريباً، عرضت «الميادين» وثائقي «الشمس تشرق جنوباً» للمخرجة يارا أبو حيدر. وقتها، توجّهت الأخيرة إلى الحدود الفاصلة بين لبنان وفلسطين المحتلة، لتقف عند أهل هذه البقعة في الذكرى العاشرة على عدوان تموز 2006. طيلة هذا الشريط (44:48)، سرد أهل القرى الحدودية المجاورة قصصهم ومعاناتهم جراء التجاوزات الصهيونية، وصمودهم في وجه الآلة الإسرائيلية طيلة سنوات الاحتلال وفي غضون حرب تموز وصولاً إلى النصر.
تظهر زوجة الراحل الفنانة التشكيلية لمى فواز
«الشمس تشرق من الجنوب» لم يكن فقط محطة مع الأهالي وحكايات الصمود، بل خصّ «صوت الشعب» بكونه الصوت المقاوم الذي لم يهتزّ منذ نشوئه. في دقائق معدودة، يظهر الراحل رضوان حمزة (1959 ــ 2016 ـــ الأخبار 7/9/2016)، ليتحدث عن الإذاعة والمقاومة عبر الموسيقى، بخاصة لحظة التشويش على هوائيات الإذاعة من قبل العدّو الصهيوني. في هذه المساحة القليلة من الشريط، تعرّفنا إلى أهمية «صوت الشعب»، التي كانت الرابط ما بين أهالي المعتقلين في السجون الإسرائيلية وأبنائهم الذين يقبعون خلف الحدود.
ظهر المناضل العتيق في هذا الوثائقي، الذي شكّل آخر مقابلة يجريها قبيل وفاته. ظهر هزيلاً وقد أنهكه المرض، لكن عينيه وكل حواسه تنبض مقاومة. هذا ما أخبرتنا إياه يارا أبو حيدر، متوقفةً عند تلك الطاقة التي أخرجها في تلك الدقائق المعدودة، و«الصدق» الذي ظهر في نبرة صاحبه عندما يتحدث بطلاقة وبلاغة عاليتين عن المقاومة وأهلها، وعن الإذاعة ونضالها أيضاً. هذه الطاقة امتلأ بها الراحل، الذي بقي في أروقة الإذاعة حتى أيامه الأخيرة، وكان دوماً يفكر في المستقبل، رغم مرضه العضال.
دقائق اللقاء التلفزيوني الأخير مع رضوان الذي بث صوتياً على «صوت الشعب»، ستحوّلها «الميادين» اليوم الى حلقة تكريمية وتحية الى الراحل بعنوان «رضوان حمزة». ستبث القناة المقابلة كاملة مع حمزة (16 دقيقة)، والى جانبها ستحضر شهادات لأناس ووجوه عايشوه وأضاؤوا على سيرته المهنية والنضالية. ستدير رانا أبي جمعة هذه الحلقة التي تستضيف كلاً من زوجة الراحل الفنانة التشكيلية لمى فواز، في حديث عن الجانب العاطفي الحميمي الذي جمع الثنائي ضمن علاقة تخرج عن الزواج التقليدي، لتذهب الى مسارات الحب والصداقة ورفقة العمر. وستحضر المخرجة يارا أبو حيدر لتتحدث عن الظهور الأخير لحمزة، وكواليسه، وعلاقتها الشخصية القريبة منه. الممثل طارق تميم الذي رافقه في أعمال مسرحية عدة سيتناول الجانب الفكاهي من هذه العلاقة، ويتذكر أسعد اللحظات معه، ويضيء على ثبات حمزة، رغم كل المتغيرات التي حدثت على الساحة الفكرية والثقافية. كما سيحلّ الزميل بيار أبي صعب أيضاً، مسلطاً الضوء على «صوت الشعب»، وما لعبته من دور في جمعها لكل الفئات الاجتماعية. وهنا، لفتة إلى مقاله «الجيل الأخلاقي» الذي نُشر تزامناً مع الوداع الأخير لرضوان حمزة حول دور المثقف الثابت على مواقفه وعلى بوصلته «فلسطين». كذلك، يتناول أبي صعب في هذه الشهادة دور المثقف العضوي، القريب من الناس، والمنوط به إعمال الفكر والمعرفة لنشرها في ما بينهم.

* «رضوان حمزة» الليلة 21:00 على شاشة «الميادين»