يوماً تلو آخر، يثبت الممثل المصري بيومي فؤاد (1965) أنه ليس مجرد ظاهرة عابرة في الوسط الفني المصري، وأنّ انتشاره الكبير في العامين الأخيرين، ليس حالة مؤقتة على الأقل خلال المرحلة الحالية، عكس ما توقع بعضهم بأن يصعد اسمه لفترة، ثم يهبط تاركاً مكانه لممثل آخر كما يحدث كل فترة. حطّم فؤاد كل الأرقام القياسية وكسر كل محاولات مقارنته بفنانين آخرين، أبرزهم المخضرم حسن حسني الذي صعد نجمه مع بزوغ أسماء نجوم الضحك الجدد عام 1997 وفي مقدمتهم محمد هنيدي، وشاركهم بطولة أفلامهم، حتى أنّ بعضهم كان يسند له أي دور من باب التفاؤل، بعيداً عن مدى تناسب هذا الدور مع خبرة حسني الطويلة. أما فؤاد، فقد نجح حتى الآن في الجمع بين كل الأجيال تقريباً.
استعان بطبيب في موقع التصوير لمساعدته في تخطي الشعور بالإجهاد
بات الوجه القابل للحضور في أي عمل فني، وصار يؤثر في الجمهور، ولو ظهر على الشاشة لدقيقة واحدة. خلال العام الحالي، أطلّ بيومي فؤاد في 13 فيلماً مصرياً. في موسم عيد الأضحى الأخير، على سبيل المثال، ظهر في أربعة أفلام من أصل ستة. كذلك ظهر في رمضان الماضي عبر ثمانية مسلسلات تلفزيونية، وحملتين إعلانيتين، ومسلسلين إذاعيين بشكل يصعب إحصاؤه حتى على بيومي نفسه. وكان الأخير قد أكد في تصريحات تلفزيونية متكررة بعد رمضان الماضي أنّه اضطر إلى الاستعانة بطبيب في موقع التصوير لمساعدته في تخطي الشعور بالإجهاد والإرهاق، مشيراً إلى أنّ صناع الأعمال التي يتعاقد عليها، بذلوا مجهوداً كبيراً في هندسة مواعيد التصوير حتى لا يتعطل تصوير أحد المسلسلات بسبب وجوده في موقع تصوير مسلسل آخر. هذه الحالة أطلقت سلسلة من التعليقات الساخرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام رمضان الأولى. تعليقات أكد فؤاد أنه مستاء منها في البداية، قبل أن تحوّله إلى الشخصية الأكثر انتشاراً عبر هذه المواقع بعد محمد رمضان بطل مسلسل «الأسطورة». أمر جلب لبيومي الكثير من العروض في مجالات أخرى بعد رمضان، كذلك فإنه تأكد لاحقاً أنّ تلك السخرية كانت من الظاهرة نفسها، لا من وجوده هو شخصياً. حقيقة سطعت بوضوح أمام شباك التذاكر في موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى، بعدما بات وجوده عنصر جذب أساسياً لمعظم الأفلام التي شارك فيها. وقتها، كتب أحد النقاد أنه لم يرَ متفرجاً واحداً يقول إنّه يشعر بالملل، ويغير القناة بسبب ظهور بيومي المتكرر. الكل يتكلم عن كثافة الظهور، والكل يتابعه في الوقت نفسه. وصل الأمر إلى حد ظهوره كضيف شرف لدقيقة واحدة في نهاية أول عروض الموسم الجديد من «مسرح مصر» عبر شاشة «إم. بي. سي. مصر» أمام الفنان أشرف عبد الباقي. ظهر بيومي بشخصيته الحقيقية وسخر هو شخصياً من ظهوره المتكرر. وفي شارة فيلم «كلب بلدي» لأحمد فهمي في موسم عيد الأضحى، وردت هذه العبارة «وطبعاً بيومي فؤاد» على أساس أنّ المتفرج بالتأكيد ينتظر وجوده بين الأبطال، وفي فيلم «عشان خارجين» الذي جسد فيه شخصية والد الممثلة إيمي سمير غانم، قامت هي نفسها بتشبيه شخصية تظهر للأبطال باستمرار في أحداث الفيلم بأنها كالأستاذ بيومي فؤاد.
الممثل الذي تخرّج في كلية الفنون الجميلة قبل نحو 25 عاماً، وزامل الممثل المعروف ماجد الكدواني، عمل لسنوات طويلة في المسرح بعيداً عن الأضواء. مهنته الأساسية كانت في قسم ترميم الآثار في وزارة الثقافة، لكن بمجرد أن حققت شخصية «الدكتور ربيع» نجاحاً جماهيرياً في مسلسل «الكبير أوي» (2010) مع أحمد مكي، وجد الطريق مفتوحاً إلى الشاشات، وراهن أكثر من مرة على تقديم مشاهد الشر والتراجيديا، ونجح فيها تماماً كما ينجح في الكوميديا.
في حواراته الأخيرة، قال بيومي إنّه «يكره قعدة البيت»، وسيظل يقبل الأعمال التي يرتاح لها، مدللاً على ذلك باعتذاره عن عدم الظهور في فيلم «من 30 سنة» أمام أحمد السقا لأنه لم يشعر بالشخصية التي عرضها عليه المخرج عمرو عرفة. بذلك، يؤكد أنّ الانتشار وحده ليس الهدف، بل تقديم ما يحب، وكذلك الوقوف إلى جوار أصدقائه الذين وثقوا به منذ البداية ونجح معهم في أفلامهم الأولى، وسيظل يستجيب لوجوده معهم في أي فيلم لاحق. وأشار بيومي إلى أنّه لا يسعى إلى البطولة المطلقة ودخول حسابات شباك التذاكر، لكنه مع ذلك بدأ يستعد لفيلم جديد سيكون من بطولته، لكن ستغلب عليه المشاركة الجماعية مع عدد من نجوم الكوميديا الجدد. أما التفاصيل، فغير معروفة بعد. في الوقت نفسه، يستعد لتقديم برنامج تلفزيوني كوميدي عبر شبكة قنوات DMC، أي إنه سيقابل جمهور التلفزيون مرة على الأقل أسبوعياً، بعيداً عن الحضور اليومي المكثف في رمضان. يرمي بيومي فؤاد خلف ظهره الانتقادات المحدودة حول ظهوره المكثف، ويقرر وهو في عامه الـ 51 تكوين مخزون درامي وبرامجي وسينمائي، ربما لم يحققه ممثل آخر، وسيجد اللاحقون صعوبة كبيرة في تخطيه أو حتى التساوي معه.