الصراحة طلب مني قبل ساعة فقط أن ألقي كلمة مقتضبة بهذه المناسبة رغم أني عدت للتو من قطاع غزة، من حيث لكم سلام وخصوصاً من زملائنا الفنانين، لذلك سامحوني إذا كانت الأفكار التي سأعبر عنها مشرذمة أو مشتتة بعض الشيء. لكني أقولها بناء على الذي سمعناه من الزملاء في غزة وعلى ما لاحظناه في معرض مسابقة الفنان الشاب وبعض المعارض الأخرى في قلنديا الدولي.منذ أن بدأنا العمل في فلسطين منذ 16 أو 17 سنة كنا نفكر ربما بشكل طوباوي أو مثالي أو ربما ساذج أن الثقافة قد يكون لها دور كوسيلة للمقاومة وتغيير الواقع الفلسطيني والعربي بشكل عام، وكنا نعتقد أيضاً أنها قد يكون لها دور لتكوين وتمكين الفرد وتحريره وأيضاً في شد أواصر الصلة في المجتمع الفلسطيني المشرذم والمشتت. أعتقد أنه إلى حد ما كان لها مثل هكذا تأثير على العديد من الأفراد وأنها نجحت في ربط الفلسطينيين ببعضهم البعض ومع العالم رغم الحواجز والحدود والاحتلال. وهذا المعرض والمعارض الأخرى في مهرجان قلنديا تشهد على ذلك الإنجاز الجماعي.
ولكن في الوقت نفسه نكون جد ساذجين إذا لم ننظر إلى الواقع المرير الذي نعيشه اليوم حيث الحروب الأهلية في العالم العربي، والانقسام الداخلي في فلسطين وتردي بل وربما انهيار المشروع الوطني الفلسطيني، والتراجع الثقافي بمعنى أننا أصبحنا مجتمعاً أكثر محافظة مما كنا متوقعين قبل 18 سنة. هذا كله يجب أن يطرح علينا تساؤلات، ولا يجوز برأيي أن نلوم شح الموارد أو الاحتلال أو غيرها من العوامل الخارجية على العجز في ان نتصدى أو أن يكون لنا أثر مهم في تغيير الواقع، نحن أهل الفن أو والثقافة. لذلك أعتقد أنه يجب أن نطرح بعض التساؤلات حول جدوى، وأحيانا جودة وجرأة وقوة الإنتاج الثقافي الفلسطيني وأنا لا أحكم كحكم ولكن أطرح تساؤلات لا غير.
ربما فشِلنا بالتصدي لهذا الواقع بالجرأة والعمق الذي كان مطلوبا منا. مرة أخرى هذا تساؤل وليس حكماً.
الجرأة مصطلح وفكرة أساسية لأني شاهدت العديد من المحاولات الفنية (في قلنديا) التي تنطلق من أفكار جميلة ومهمة ولكن أحيانا لا تتعاطى بالجرأة والعمق الكافي مع هذه الأفكار. ربما أيضاً نسينا أهمية التعليم المهني في مجال الفنون على حساب المهرجانات والفعاليات، ربما أيضا أن اهتمامات المجال الفني ابتعدت كثيرا في بعض الأحيان عن المواضيع التي تقلق المجتمع والفرد الفلسطيني اليوم وبالذات الشباب، ربما أيضا فشلنا بصوغ اللغة أو اللغات الفنية التي في بعض الأحيان أرى أنها تكون مبهمة أو بعيدة عن الإنسان المعاصر وفهمه وهمومه، وربما انحصرنا في هموم الفرد نحن أهل الفن ومحبيه والممارسين له، وقبلنا بهمومه النرجسية فقط وفقدنا الوعي بما يحدث حول هذا الفرد وحولنا. ربما أخيرا أننا اهتممنا أكثر من اللزوم بالتحديات التنظيمية والإجرائية على حساب الفكر.

إنها مجرد تساؤلات أترككم معها لأننا نعتقد أن دور الثقافة هو أن تكون قادرة على طرح التساؤلات الصعبة.
١١/١٠/٢٠١٦