«السحرة لا يموتون؛ إنّهم يعودون إلى الحياة بشكلٍ أو بآخر». بصوته العميق والغامض، كانت هذه الكلمات «الوداعية» الخاصة بالساحر الشهير «سارومان» من فيلم Lord of the Rings (رائعة الكاتب الإنكليزي ر.ر. تولكين والمخرج بيتر جاكسون)؛ الشخصية التي أداها الممثل البريطاني الشهير السير كريستوفر لي (1922 ــ 2015/ الصورة) الذي رحل قبل أيامٍ قليلة أثناء علاجه إثر فشل قلبي حاد. لي الذي لا يتذكره كثيرٌ من الجمهور الفتي في دور هو الأشهر من بين أدواره: إنّه فرانسيسكو سكارمنغا الرجل ذو «المسدّس الذهبي» من فيلم جايمس بوند الذي حمل هذا الاسم عام 1974.
تكثر أدوار وبطولات النجم الكبير الذي لم يغب عن الشاشة الكبيرة. فهو كان قد أدّى دور الكونت دوكو في «حرب النجوم» بأجزائه الثلاثة (2002 ــ2005)، وبالتأكيد أخيراً في «الهوبيت» (2012 ــ2014) مستكملاً أداء شخصية الساحر «سارومان»، التي يقال إنّ بيتر جاكسون قضى أكثر من ستة أشهر بحثاً عن ممثل لتأديتها. شخصية تجمع بين الشرّ وقوة الشخصية والشكيمة. فهي مثلاً في أجزاء «الهوبيت» تكون شخصية «طيّبة» (وحتى في بعض من الجزء الأوّل من Lord of the Rings). وقتها وقع الاختيار على كريتسوفر لي لتأدية الدور بعدما شاهد جاكسون أداءه لدور مصّاص الدماء الشهير «دراكولا» في فيلمٍ من عام 1958 حمل اسم «رعب دراكولا». لكن لي لم يكن موافقاً في البداية على إتمام المهمّة. فهو كان يحلم بتأدية دور الساحر الآخر في الفيلم «غاندالف الرمادي»، لكن وضعه الجسدي وظروفه الصحية حالا دون استطاعته تقديم الشخصية (تحارب بالسيف وتركب الخيول وسواها)، فوافق على الظهور كـ«سارومان».

أهم أعمال لي فيلم «جناح» من عام (1998 ــ إخراج جمال دهلوي)، وهو سيرة ذاتية تروي قصة حياة مؤسس دولة باكستان الحديثة محمد علي جناح. أما أشهر أدواره بريطانياً، فهو في فيلم الرعب The Wicker Man (عام1973) مع المخرج روبين هاردي. رُسِّم لي «فارساً» ملكياً بريطانياً عام 2009، وحصل على زمالة الـ«بافتا» في 2011، ثم زمالة الـBFI (أكاديمية الأفلام البريطانية) في عام 2013 عن مجمل أعماله.
لم يكتفِ الراحل بالتمثيل، بل اتجه إلى الغناء، إذ أدى أنواعاً مختلفةً وسجل العديد من الأغنيات. حتى إنه غنّى الأوبرا، لكن الروك وتحديداً الميتال بقي «عشقه» الغنائي الرئيسي. وهو كان قد أطلق ألبومه المعروف «شارلمان: بالسيف وبالصليب» في عام 2010 بعدما عمل مع فرق روك شهيرة عدّة لإنتاجه منذ 2005. وتبع ذلك ألبوم في 2013 حمل عنوان: «شارلمان: نذائر الموت».
غادر لي بريطانيا إلى الولايات المتحدة في 1977 خوفاً من أنّه أصبح «محصوراً» في بلاده بنوعٍ واحدٍ من الأفلام (بعد أن تألّق في أفلام الرعب وقتها)، واستطاع تحقيق نجاحاتٍ كبيرة هناك.