إصرار lbci على عرض «take me out نقشت» مباشرة بعد نشرة الأخبار، أصبح يجبر المشاهد أوتوماتيكياً على إقامة مقارنة بينه وبين باقي البرامج التي قد ترتقي قليلاً إلى الذائقة العامة. أول من أمس، عرض البرنامج المذكور الذي يتعرّض لسيل من الانتقادات، بسبب مضمونه الهابط، وإتكائه على الابتذال واستخدام الرجل والمرأة معاً، ليضخ مشهدية مسيئة لهذين الجنسين.
في توقيت مماثل، شاهدنا حلقة من «ع سطوح بيروت» (إعداد وتقديم داليا داغر- إخراج إليان بطرس) على otv، تضيء على مشاركة المرأة سياسياً في الندوة البرلمانية. حلقة جيدة رغم الثغرة الكبيرة التي تمثلت في تغييب جمعيات نسائية كان لها باع طويل في النضال، واستطاعت الدفع نحو تغيير مواد قانونية مجحفة بحق المرأة. في تلك الحلقة، راح «ع سطوح بيروت» إلى تظهير الجمعيات المخملية أو من طبقة معينة لا نسمع عن نشاطاتها إلا القليل، باستثناء الأكاديمية والعضو في المجلس التنفيذي لـ «منظمة المرأة العربية» فاديا كيوان التي استطاعت بخبرتها الواسعة في عالم السياسة أن تشير إلى مكامن الخلل في السلطة اللبنانية ووسائل الإعلام أيضاً ومواكبتها قضايا المرأة، ولو بأسلوب ديبلوماسي ولطيف.

بدا هؤلاء كالملائكة، بل رياديين في الدفاع عن حقوق النساء


حل وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغسبيان، ضيفاً أساسياً على الحلقة، التي قد لا تؤتي نتيجة ملموسة في الدفع قدماً نحو إقرار قوانين تنصف المرأة انتخابياً وتوصلها إلى مراكز القرار. ورغم أنّ المعالجة لم تكن بالعمق المطلوب، بل استغلّت الفرصة للتلميع لـ «التيار الوطني الحرّ» ونيته إشراك المرأة في أي قانون انتخابي (هو الحزب الذي أخذ حصة وافرة من الحكومة ولم يشرك أي امرأة فيها)، إلا أنها كانت بين هذه المشهدية الإعلامية الهابطة حلقة نوعية تضيء على هذا الشأن النسوي الغائب تقريباً عن الشاشة. أوغسبيان الذي شكا «هجوم» الجمعيات النسائية عليه للقائه بعيد تعيينه، بدا مسلّماً - رغم طموحاته بكسر التنميط والتمييز بحق المرأة - بالواقع المرير، لا سيما بعد رفض مجلس الوزراء تخصيص ميزانية للوزارة، وبالتالي سقوط هذه الطموحات والاستراتيجيات المستقبلية التي قد تسهم في مساندة أوضاع المرأة.
وفي التقرير الذي عرضه البرنامج، جالت الكاميرا على نواب الكتل النيابية والأحزاب لاستصراحهم عن الكوتا النسائية في المجلس النيابي. بدا هؤلاء كالملائكة، بل رياديين في الدفاع عن حقوق النساء، من سيمون أبي رميا (التيار الوطني الحر) الذي اعتبر أن الكوتا تمييز بحقّ المرأة، إلى النائب إيلي ماروني (الكتائب) الذي اتهم المرأة أخيراً بأنها تلعب دوراً في اغتصابها، وصولاً إلى «القوات» وأنطوان زهرا الذي عدّد تولي النساء لأدوار داخل الحزب من دون أن ينعكس ذلك على المجلس أو الوزارة، أو حتى أقله على أداء النائبة ستريدا جعجع. وكان النقد على محتوى هذا التقرير خجولاً من قبل الضيفات.
وعدت داليا داغر باستكمال هذا الملف وصولاً إلى خواتيمه، رغم التسليم مسبقاً بأنه لن يصل إلى مكان، بسبب الطبقة السياسية الحاكمة والمحكمة على أنفاس النساء، وأيضاً بسبب جمعيات تدّعي أنها نسوية وما تنفك أن تكون صورة عن جلادها، وعن السلطة، أو تلقى تمويلاً مشبوهاً، أو تتخذ من العمل النسوي بريستيجاً لا أكثر، فيما الأخريات يعملن على الأرض وفي كل الميادين، وغّيبن هذه المرة عن حلقة «ع سطوح بيروت». مع ذلك، نستطيع القول بأنّ هذه الحلقة مطلوب تطوّرها واستكمال متابعتها لهذا الشأن الحيوي الملّح.