القاهرة | بمنشور على صفحته الفايسبوكية، أعلن الشاعر شوقي حجاب أمس عن رحيل شقيقه الأكبر الشاعر المصري سيد حجاب (1940 ــ 2017). وكان حجاب قد عانى في السنوات الأخيرة من سرطان الرئة، فاضطر للسفر إلى باريس لتلقي العلاج على نفقته الخاصة، رغم تصريحات وزير الثقافة حلمي النمنم في تموز (يوليو) الماضي عن استعداد الدولة لتحمّل نفقات الشاعر الكبير.
هكذا، فقدَت مصر والقصيدة الغنائية واحداً من أبرز كتّابها على مدار التاريخ الحديث، إذ ترك مشروعاً شعرياً وغنائياً بمثابة «سِفر» يتغلغل في الوجدان المصري والعربي، بعدما ترجّل في الذكرى السادسة لثورة يناير 2011.
لم يكن حجاب يفوت فرصة إلا ويقدم بطاقة هويته في عبارة «أنا شاعر على باب الله... والإنسانية»، ويرفعه شعاراً متجسداً في كتاباته ومواقفه الثورية المنحازة للقيم الجمالية، منذ أن قدمه الراحل صلاح جاهين في مجلة «صباح الخير» المصرية في تموز (يوليو) 1961. يومها، كتب: «ولو كان هناك حب من اللحظة الأولى، أكون أنا قد أحببت هذا الشاعر من أول شطرة. اسمه سيّد حجاب، تذكروا هذا الاسم، فإنه سيعيش طويلاً في حياتنا المقبلة وسيكون له شأن عظيم». مرّت الأيام ولعب ابن مدينة الصيادين، الدور نفسه، فحرر عام 2004 باباً في جريدة «القاهرة» تحت عنوان «شاعر جديد يعجبني»، قدم من خلاله حوالي 20 شاعراً، بعضهم جدد وبعضهم كانوا بعيدين عن الأضواء.

قدمه الراحل صلاح جاهين
في مجلة «صباح الخير»

ورغم التطور الفني الهائل الذي أحدثه مؤلف أغاني مسلسل «الأيام» (إخراج يحيى العلمي)، والجماهيرية الطاغية التي تمتع بها شخصياً والانتشار العظيم لكلماته الغنائية، إلا أنّه ظلّ يعاني كبقية شعراء العامية تهميشاً أكاديمياً، إذ لا تزال المؤسسات العلمية تعتبر القصيدة العامية «أقل شأناً من قصائد الفصحى»، ناهيك بندرة الدراسات النقديّة على كتاباته في السنوات العشرين الأخيرة، على عكس ما وجده عند إصدار ديوانه الأول «صيّاد وجنيّة» الذي كتب له كلمة ظهر الغلاف الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي.
بعد فترة قصيرة من صدور باكورته، اعتقله الأمن بتهمة الانتماء إلى تنظيم «شيوعي يخطط لقلب نظام الحكم»، مع عدد من أبرز مثقفي الستينيات مثل الصحافي والمؤرخ صلاح عيسى، والشاعر عبد الرحمن الأبنودي، والروائي جمال الغيطاني، ثمّ أفرج عنهم قبيل نكسة الـ 1967.
ولد حجاب فى قرية المطرية، أقصى الشمال الشرقي من محافظة الدقهلية على شواطئ بحيرة المنزلة، ثمّ انتقل إلى الإسكندرية للالتحاق بكلية الهندسة، وأصدر أعماله الكاملة عام 1987 عن دار «الفكر للدراسات والنشر والتوزيع»، واحتفت «مكتبة الإسكندرية» بميلاده السبعين عام 2010، ومثلها فعل «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» عام 2011، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 2012.
طوال مسيرته، عمل حجاب مع عدد من الملحّنين الكبار أمثال عمار الشريعي وبليغ حمدي، والموسيقار ياسر عبد الرحمن. كما تعاون مع عدد كبير من المطربين في مقدمتهم علي الحجار ومحمد الحلو، وحسن فؤاد، وعفاف راضي، وألّف تترات عدد كبير من الأعمال الدرامية مثل «ليالي الحلمية» (إخراج إسماعيل عبد الحافظ) و«أرابيسك» (إخراج جمال عبد الحميد) و«الليل وآخره» (إخراج رباب حسين).
بعد 30 حزيران (يونيو) 2013، شارك حجاب في صياغة الدستور المصري الجديد، ضمن عدد من الأسماء اللامعة في الثقافة المصرية وهم: محمد سلماوي، وخالد يوسف، ومحمد عبلة، وحجاج أدول، ومسعد أبو فجر، متأملاً من مشاركته الانتصار في معركة الدفاع عن حرية الفكر والمعتقد وتجريم «التكفير». وقتها، صرّح لـ «الأخبار» أنّه سيعمل على تفادي مشكلات دستور الإخوان، وتجنب تكرار تجارب ما عُرف بقضايا الحسبة ضد نصر حامد أبو زيد وحلمي سالم وغيرهما، إضافة إلى العمل على عدم عودة الاستبداد السياسي... أهداف لا تزال حلماً يسعى إليه المصريون في ذكرى ثورتهم.