الجزائر | هل الأمر محض صدفة أم أنه «جريمة» أدبية موصوفة؟ سؤال طرحه الروائي الجزائري واسيني الأعرج (1954)، وهو يكتشف أنّ رواية مواطنه المغترب بوعلام صنصال (1949) التي أعلنت دار «غاليمار» الفرنسية صدورها شهر آب (أغسطس) المقبل، تتشابه إلى حد التطابق، مع روايته التي يُنتظر أن تصدر عن دار «الآداب» تزامناً مع «معرض بيروت الدولي للكتاب ــ 2016».
تحمل رواية صنصال الجديدة عنوان «2048/ نهاية العالم» بينما اختار الأعرج عنوان «2048/ العربي الأخير»، لروايته التي يقول إنها تستشرف المستقبل العربي، من خلال حكاية متخيّلة لآخر عربي على الأرض عام 2048؛ إذ «سيعود العرب إلى الأنظمة القبلية والعشائرية والصراعات على الماء، في ظلّ غياب أيّ تخطيط للمستقبل». سارع الكاتب المتوج أخيراً بجائزة «كتارا» (عن روايته «مملكة الفراشة»)، إلى التعبير عن صدمته بهذا الاكتشاف، وكتب في صفحته على فايسبوك: «أسوأ خبر هزّني اليوم هو هذه الصدفة الغريبة المتعلقة بإعلان صدور الرواية الأخيرة للصديق الروائي الجزائري الذي يكتب بالفرنسية، بوعلام صنصال، والتي تحمل نفس العنوان والإشكالية عن الوضع الخرافي الذي يعيشه الإنسان العربي، ونفس المكان، عربستان، آرابيا»، متسائلاً: «هل يمكن أن تكون الصدفة بهذا الحجم؟». لكن الأعرج استبعد نظرية المصادفة في التشابه الكبير بين الروايتين. ورجّح أن يكون «صديقه» قد سطا على فكرة روايته التي يشتغل عليها منذ عام، بخاصّة أنه تحدّث عنها كثيراً لوسائل الإعلام، مضيفاً: «لا أعرف الشيء الكثير عن رواية صنصال إلا ملخّصها، لكني إلى الآن لم أبلع هذه الصدفة التي هزتني وهزت عملاً أشتغل عليه منذ أكثر من سنة.

ظلّ الأعرج يُواجه «شبهة»
اقتباس مواضيع رواياته وعناوينها من أعمال أدبية أخرى
أخط العالم العربي طولاً وعرضاً لأفهم هذه الهزّات العنيفة، وكلّ قرائي سمعوا بعنوان الرواية وموضوعها إعلامياً منذ سنة. هل تصل الصدفة إلى حدّ التطابق؟».
لم يوجّه الأعرج اتهامات مباشرة وصريحة لبوعلام صنصال بالسرقة الأدبية، واكتفى بعرض أوجه الشبه بين العملين، والتساؤل عمّا إذا كان الأمر مجرد صدفة أم أنه «جريمة أدبية موصوفة». لكن إثارته للمسألة كفيلة بأن تثير جدلاً قد يأخذ أبعاداً جديدة ويعيد فتح ملف السرقات الأدبية في الجزائر، بخاصة أنّ الأمر يتعلّق بروائيين يحظيان بانتشار كبير داخل الجزائر وخارجها. ورغم أن الأعرج استبق إثارة الموضوع إعلامياً، إلا أنه قد يُواجه بطرح يسير في الاتجاه المعاكس لطرحه، وهو أنه من استولى على فكرة صنصال لا العكس، خصوصاً أنّ الأعرج ظلّ يُواجه «شبهة» اقتباس مواضيع رواياته وعناوينها من أعمال أدبية أخرى. تحمل روايته «الأمير» العنوان ذاته الذي وضعه ميكافيللي لكتابه الشهير، وعنوان سيرته الذاتية «عشتها كما اشتهتني» مقتبس من عنوان سيرة ماركيز «عشت لأروي»، كما أن عنوان روايته الجديدة مستوحى أصلاً من رواية الكاتب البريطاني الشهير جورج أورويل «1984». وقد كانت عناوين أعمال الأعرج الروائية مادّة لسجالات إعلامية بينه وبين الروائي الراحل الطاهر وطار الذي اتهمه بسرقة عناوين رواياته، وأيضاً بالسطو على أرشيف الأديبة الجزائرية الراحلة زليخة سعودي.

وفي تعليق على الموضوع، تساءل الكاتب والشاعر عاشور فنّي عن حدود التناص والانتحال والسرقة الموصوفة، وعمّا إذا كان الأمر مجرد توارد خواطر بين كاتبين يحملان هموم عصرهما. في المقابل، رأى الروائي الشاب محمد جعفر أن الموضوع يعكس وجهاً آخر للصراع بين المثقف المعرب ضد المفرنس، معتبراً أن ما أثاره الأعرج قد يعيد إلى السطح قضايا مماثلة كان الاسمان اللاعب الرئيس فيها، مضيفاً: «لا أعتقد أنّ روائياً مثل صنصال، بتاريخه الروائي وسمعته والمكانة التي يحظى بها حالياً، سيسمح لنفسه بأن يظهر في مظهر الساذج ويغامر في سرقة عمل سواه، كأنه يقوم بفعل انتحاري، خصوصاً أنّه يتعامل مع أكبر دار نشر فرنسية»، مردفاً: «يجب أن نسمع من الكاتبين، والأكيد أننا سنقع على وجهات نظر مختلفة. وحينها فقط يمكن أن نشكل رأياً حول الموضوع».