حين غادرنا ستافرو جبرا، أخذ معه منظومته المتشعبة الأوجه من التقنيات والأساليب التي كان يطرحها في أعماله وألبوماته بهدف المباغتة والتجدد وصناعة المفاجأة.
ثقافة ستافرو (ستافرو باليونانية يعني الصليب) الفرنسية والإنكليزية، بالإضافة إلى أسفاره العديدة، جعلته على اطلاع على آخر المستجدات التشكيلية والتقنية التكنولوجية قبيل شيوع الكمبيوتر والإنترنت. بدايةً، كان يرسم بضربات سريعة، بالريشة الدقيقة والحبر الصيني. ثم يعود للتحبير بالقلم لخلق الظلال عند ثنيات الثياب وتظليل الوجوه. بنى لنفسه هوية لم تقطع الحبل بين أول رسم وآخر رسم. التجديد والتحديث لم يخلقا هوّات بين أعماله. كان ستافرو من أوائل الرسامين الذين استخدموا الكمبيوتر في التلوين بداية، ثم كان الرسم، لكن ليس على الكمبيوتر، بل بمساعَدته.
يعتمد جبرا إدخال رسوماته على ذاكرة الكمبيوتر، ثم يقوم بعملية مونتاج، كأن يضع رأس هذا السياسي فوق جسم يرتدي بذلة، ثم يعود ويستخدم الرأس عشرات المرات، والبذلة عشرات المرات في توليفة تخفي الأثر. بهذا كسبنا «لوحة» كاريكاتورية لأننا يومياً كنا نشاهد رسومات مصوغة بدقة وتعب، أو هذا ما توحيه أعماله الأخيرة. حتى ضربات الأكريليك كان ينفذها على ورق، ثم يدخلها إلى ذاكرة الكومبيوتر لاستخدامها مرات ومرات. طبعاً هذا لا يشكل تجاوزاً للقواعد، فالكاريكاتور فن ابن الطباعة وكواليسها.
رسم ستافرو البورتريه الكاريكاتوري وقدّم فيه فتوحات جميلة، أهمها تلك الرسومات المبنية على استغلال برنامج على الكمبيوتر كان يحوّر الوجوه ويلويها. ستافرو كان يلوي الصور الأصلية للشخصيات، ثم يعيد رسمها بعد التحوير العجيب. أجل كأنّنا في مختبر، مع فنان كان يبتغي التغيير لنفسه قبل غيره. كان يبحث عن الشغف، ولا شغف من دون محاربة كل أنواع الروتين والنسق المكرر. استطاع ستافرو أن يكون مدرسة، فأثّر في بعض وجوه التجارب الشابة قبل أن يعودوا ويبلوروا خطوطهم الخاصة.
* رسام كاريكاتور لبناني