الرباط | من النادر أن تصادر السلطات المغربية كتاباً جديداً، أو تمنع تنظيم لقاء حوله. لكن ذلك وقع فعلاً في الأيام الأخيرة، حيث أقدمت السلطة المحلية في مدينة سطات بمنع عقد ندوة فكرية حول كتاب المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة دور غولد «مملكة الكراهية: كيف دعمت العربية السعودية الإرهاب العالمي الجديد» الذي نقله إلى العربية المترجم والإعلامي المغربي محمد جليد (الأخبار 11/4/2014).
وكان يفترض أن تقام الندوة ليلة الجمعة في «مقهى فلسطين» بمداخلة للمترجم، ومشاركة الكتّاب عبد الهادي الفحيلي، وحسن إغلان، ومحمد المساوي، وبحضور عدد من مثقفي المدينة وقرائها. غير أن «القيادة» المحلية اتصلت بجمعية الشعلة، الجهة المنظمة، وأخبرتها بقرار المنع.
كما استدعت صاحب المقهى إلى مقرّها، وأعلمته بالقرار ذاته. وقد كانت حجة إلغاء اللقاء، حسب الجهة المانعة، هي كون محتوى الكتاب لا يتماشى مع توجهات الدولة، ويسيء إلى علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية. وقد خلّف قرار المنع استياء الكثير من الكتّاب والنشطاء المغاربة الذين بادروا إلى جمع عشرات التوقيعات ضمن عريضة تشجب المنع، وتعتبر ما وقع مسّاً بحرية التعبير، وعائقاً أمام الأفكار التنويرية.

خلّف قرار المنع استياء الكثير من الكتّاب والناشطين المغاربة

وفي تصريح خاص بـ «الأخبار»، يقول محمد جليد مترجم الكتاب: «شخصياً، استغربت هذا القرار لثلاثة أسباب: أولاً، إن الكتاب يسلط الضوء على الجذور السياسية والإيديولوجية لظاهرة الإرهاب، التي انخرط المغرب في محاربتها منذ بداية الألفية الجديدة، وخاصة منذ هجمات الدار البيضاء الإرهابية سنة 2003. ثانياً، إن هذا الكتاب يباع بشكل طبيعي في المكتبات والأكشاك وجميع نقاط البيع في المغرب، وحتى في الدول العربية الأخرى، منذ صدوره عن «دار الجمل» قبل نحو ثلاث سنوات، من دون أن يثير أيّ رد فعل، لا من جانب السلطات، ولا لدى بعض التيارات داخل المجتمع.
أخيراً، إن هذا القرار يتعارض مع سياسة الانفتاح على حرية التعبير بجميع أشكالها خلال السنوات القليلة الماضية. إذ أخشى أن يكون هذا القرار بداية لارتدادٍ عن هذا الانفتاح وعن حرية الإبداع والتعبير، بعدما عاشا بعض الانتعاش خلال العقد الأخير».
ويندرج هذا الكتاب، حسب المترجم، ضمن أطروحة عامة يهتم فيها بالخطابات الغربية حول الإسلام، بجميع تعبيراتها الإيجابية والسلبية والموضوعية. وسبق له أن نشر جزءاً من هذه الأطروحة في كتاب بعنوان «الخطاب الغربي حول الإسلام». من هنا جاء اهتمامه بجميع ما يكتبه الباحثون الغربيون حول الإسلام في علاقته بالديمقراطية، حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة، والعنف والإرهاب، والنظام الدولي. غايته بذلك أن يضع القارئ العربي في صورة وسياق هذه الكتابات.
ويعود الكتاب الذي صدر في نسخته الأصلية عام 2003 إلى أصول التكفير الديني في السعودية القائم على الاستعداد المسبق لوضع الآخر في خانة الكفر والخروج عن الإسلام إذا ما تعارض مع الفكر الوهابي السلفي. ويدافع مؤلفه عن فكرة واحدة، مفادها أنّ المملكة هي الصانع الأول للإرهاب الجديد في العالم، مستنداً بذلك إلى وثائق ومعطيات تاريخية.