لا شك في أنّ الموسم الرمضاني لعام 2017 كان الأفقر بالنسبة إلى الدراما السورية. لعلّها بلغت القعر، وبذلك، نأمل أن نشهد استفاقة أو ربما انتفاضة بين صنّاعها والقائمين عليها في رمضان 2018. في المقابل، تألّقت المحروسة بأعمال متنوّعة وغنية بدءاً من «حلاوة الدنيا» إلى «واحة الغروب» الذي خصصنا له ملفاً قبل أيام (23/6/2017).
أما الدراما اللبنانية، فيواظب نجومها وصنّاعها على ادعاء «تعصّبهم» لها والترويج لها، من دون الوقوف فعلاً والتأمل في هنّاتها الكثيرة. يتعاطون مع النقد الموجّه إلى النص والإخراج والأداء على أنّه حملة منظّمة تستهدف «الصناعة المحلية»، في حين أنّ وحده النقد والأخذ به، هما الطريق السليم نحو الخروج من الكبوة والتقدم وحتى المنافسة ليس بالكم فقط، بل بالسوية الفنية أولاً وأخيراً. هنا، بعض ما اختارته «الأخبار» عن المسلسلات التي تعتبرها الأفضل، وتلك التي شكلت خيبة الموسم


نجاحات



لأعلى سعر


رغم بعض السقطات لجهة السيناريو والإخراج خصوصاً في الحلقات الأخيرة، حافظ «لأعلى سعر» (ﺇﺧﺮاﺝ محمد جمال العدل وﺗﺄﻟﻴﻒ مدحت العدل) على مكانته في السباق الرمضاني الحالي، وخاص المنافسة بجدارة عالية. على خلاف السنوات الماضية، لم تكن نيللي كريم (جميلة ــ الصورة) التي استغنت عن الأدوار المركبة محور الأحداث في هذا المسلسل، بل يمكننا الحديث عن بطولة جماعية اشتركت فيها زينة (ليلى) التي أدّت دور الخبيثة والغيورة والحقودة على أكمل وجه، إلى جانب أحمد فهمي (هشام)، ونبيل الحلفاوي (مخلوف)، وسلوى محمد علي (اعتماد)، وآخرين.

لا يبرز العمل شخصيات طيّبة أو ملائكية طوال الوقت، فالجميع يُظهر الشرّ والقسوة في داخله في مواقف معيّنة، كذلك يغوص في الدرجة التي يمكن أن يصل إليها الصراع بين امرأتين لأسباب عدّة، والغريزة الإنسانية وحب التملّك والطمع. ويستطيع المجروح أيضاً التحوّل بسهولة إلى وحش كاسر يمكنه فعل أي شيء، حتى ولو كان لا يشبه، من أجل الانتقام.

أزمة عائلية



رغم ما أخذ على مسلسل «أزمة عائلية» (تأليف شادي كيوان، وإخراج هشام شربتجي ــ بطولة: رشيد عساف، ورنا شميّس، وطارق عبدو، ونجاح مختار، وليا مباردي، وعاصم حوّاط، وحسين عبّاس، وأمانة والي، وأحمد كنعان) من سذاجة في طرح الأفكار المأسوية، ووقوف عند حد يفصله عن المجابهة العميقة لأزمة لاهبة... إلا أنّه لا يجوز تحميل العمل أكثر مما يمكن، لأنه سيت كوم خفيف غايته تسلية المشاهد ومحاولة اقتناص ضحكته أوّلاً، ثم تحميل المادة الفنية مضامين ذات أهمية وعمق، وربما توجيه رسائل رمزية في اتجاهات عدّة. هذه النوعية من الأعمال تعتمد أساساً على حبكة النص وذكائه، ثم على طاقة الممثلين وضبطهم لشغلهم من دون الوقوع في مطب الافتعال أو التهريج أو المبالغات المجانية. صحيح أنّ المعادلة في «أزمة عائلية» قد تبدو ناقصة من حيث النص في كثير من الحلقات إضافة إلى المباشرة في الطرح، لكن توهّجها وقطف ثمار النجاح بدَوَا في سوية الأداء اللطيفة التي قدّمها فريق الممثلين على رأسهم الكوميديان رشيد عساف. الممثل السوري الذي غيّب موهبته الكوميدية لربع قرن لمصلحة أدوار الفارس والبطل الأسطوري، منذ إطلالته التي تنحو إلى الكوميديا في فيلم «الحدود» مع عمر حجو ودريد لحّام، غاب كليّاً عن هذا الميدان، رغم براعته فيه حتى على مستوى الواقع إلى حين إطلالته في «الخربة» (2011). وعاد هذه المرّة لامعاً بدور بعثي قديم ما زال يحتفظ بذاكرة نظيفة.

حلاوة الدنيا



الواقعية هي السمة العامة لـ «حلاوة الدنيا» (تأليف سما أحمد وإنجي القاسم تحت إشراف السيناريست تامر حبيب، وإخراج حسين المنباوي). وهي نابعة من صلب حيوات مرضى السرطان، بكل ما فيها من خيبات وانكسارات وأمل وحب وشجاعة. الموضوع موجع طبعاً، إلا أنّ طرحه ضروري وطريقة مقاربته حقيقية وحافلة بالمشاعر الإنسانية العميقة. هنا، لا أثر للرتابة والفذلكة، فيما شكّل أداء الممثلين الرئيسيين حجر زاوية في النجاح، أبرزهم: هند صبري (أمينة ــ الصورة)، وظافر العابدين (سليم)، وأنوشكا (ناديا) ورجاء الجداوي (زوزو) وحنان مطاوع (سارة) ومصطفى فهمي (عادل). انطلاقاً من قصة فتاة تدرك إصابتها باللوكيميا لدى إجرائها فحوصات الزواج، يتطرّق المسلسل المصري إلى مواضيع عدّة، مثل الهلع والأحاسيس المتناقضة التي تصيب المريض ومحبيه، والحب وقيمة الحياة وفهمها وتقديرها، والقلق من المجهول، وأهمية العلاقات الأسرية الصحية للنفسية الإنسانية، وغيرها...

30 يوم



الجِدّة والغموض والإثارة والخروج عن السائد في الدراما العربية، إضافة إلى تسارع الأحداث وغياب الملل، مكوّنات أدّت إلى نجاح طبخة «30 يوم» (كتابة مصطفى جمال هاشم تحت إشراف أحمد شوقي، وإخراج حسام علي). وأكثر من يثير الاهتمام والفضول هو الفكرة التي تتمحور حول «توفيق» (باسل خيّاط) الذي يزور الطبيب النفسي «طارق» (آسر ياسين ــ الصورة)، ليخبره بأنّ الاختيار وقع على الدكتور لإخضاعه لتجربة نفسية غير مألوفة على مدى 30 يوماً، سيواجه خلالها يومياً اختباراً مختلفاً يرتبط برقم اليوم الذي يحصل فيه. والهدف هو رصد التبدّلات التي ستطرأ على شخصية «طارق» مع مرور الوقت، وتدفعه إلى أفعال غير متصوّرة. وفي الوقت الذي بقي السبب فيه مجهولاً طوال فترة العمل، برع السوري باسل خيّاط في تجسيد شخصية الرجل السادي المضطرب نفسياً، وأخرج «جوكر معرّب»، مستغلاً قدراته التمثيلية الهائلة. ولم يكن المصري آسر ياسين أقل نجاحاً لناحية الأداء.

الهيبة حالة استثنائية



لا شك في أنّ الأكشن يضمن نسب مشاهدة عالية. ووفقاً لهذه القاعدة الذهبية تمكّن «الهيبة» (هوزان عكو وسامر البرقاوي) من تحقيق نجاح جماهيري ساطع في لبنان وسوريا لدرجة إصابة الجمهور بحمى تتعلّق بمظاهر الشخصيات ولوازم مفرداتها. الأعمال التي تنتمي إلى هذا الجنر، من بينها المسلسل الأميركي الشهير Breaking Bad، تقدّم في الغرب عادةً عبر محطات وخدمات مدفوعة تمنعها من التوافر لجميع فئات الجمهور. ورغم الاختلاف الكبير في درجة الوعي بين الجمهور الغربي ومشاهدي بيروت والشام المسورتين بالحرب والدماء، إلا أن حساسية «الهيبة» كانت في طرحه جوقة من الخارجين عن القانون بطريقة جذابة وانطلاقاً من مرجعيات أخلاقية، وفرضيات مجافية لمنطق العشائر في المناطق الحدودية، تفيد بأن شخصية مثل «جبل»، لا تعمل إلا في السلاح الخفيف، خوفاً من تسهيل الإرهاب؟! المسلسل ترك بالغ الأثر في شريحة واسعة من الشباب، ربّما أمكن بعضها أن يقدم على تصرّفات حمقاء تحرّض على مزيد من الجريمة، في مجتمع ينزلق أصلاً نحو الهاوية... كل ذلك، لو نحيّنا جانباً موضوع صمت فريق العمل عن الاتهامات التي طاولتهم بالاستفادة المباشرة من أعمال أخرى من دون الإشارة إليها. رغم ما سبق، لا يمكن تجاهل الصدمة التي صنعها «الهيبة»، بدءاً من مغامرة مخرج «مطلوب رجال» في الذهاب إلى هذه المطارح الغنيّة والملغّمة، وجدّة ما يقدّمه على مستوى التفاصيل، والتقاطه طبيعة ساحرة طوّعها لمصلحة الهوية البصرية، وصولاً إلى الملمح الأكثر أهمية، وهو الأداء العميق للنجم تيم حسن (الصورة). لعب مدروس بمنتهى الحرفية. كأنه منذ بداية قراءة السيناريو، كان يغوص ليبني حالة نفسية لـ «جبل»، يواكبها شكل خارجي وتيمات محدّدة من حيث السلوك وحركة الجسد والجملة التي تحوّلت إلى ماركة مسجلة: «لا تهكلي للهم». ثم المشية الواثقة والنظرات المتغيرة بحسب كل حالة. في المقابل، لا يقل عبدو شاهين موهبة، ومكّنه دور «شاهين» من خلق نجومية ساطعة عبر نتاج بارع ربّما لم يبذل الكثير من الجهد ليصل إليه بسبب فهمه جغرافية المنطقة التي ينتمي إليها. وعلى خط موازٍ، يلعب حسّان مراد بأسلوب متين دور «دريد». وربما كان يلزم النصَّ تطوير لدور الممثل السوري سامر الكحلاوي (الدب) منذ لحظة تقمصه شخصيته وإجادته اللهجة، وإعطائها روحاً حاضرة بما يملكه من كاريزما، حتى ولو مرّت في خلفية المشهد.

لا تطفئ الشمس



في «لا تطفئ الشمس» (مقتبس عن رواية الكاتب إحسان عبد القدوس، سيناريو وحوار تامر حبيب، إخراج محمد شاكر خضير)، معادلة النجاح بسيطة جداً: قصة معروفة مكتوبة بحرفية بالغة، ومخرج وسيناريست يعرفان من أين تؤكل الكتف، إضافة إلى ممثلين يقدّمون أداء احترافياً عالياً، على رأسهم الكبيرة ميرفت أمين، والموهوبة جميلة عوض، ومحمد ممدوح الذي اكتشفه الجمهور في رمضان الماضي في مسلسل «غراند أوتيل»، والشاب أحمد مالك. تدور القصّة في مصر الخمسينيات حول عائلة تعود من الغربة بعدما توفي الوالد. وترعى الأم أبناءها الخمسة وسط تحوّلات اجتماعية وسياسية تشهدها مصر وقتها. على الرغم من أنّ الرواية وجدت طريقها إلى الشاشة الكبيرة في عام 1961 تحت إدارة المخرج صلاح أبو سيف، غير أنّ من الظلم المقارنة بين العملين، ولا سيّما أنّ نجوم كل منهما يختلفون جداً على صعيد التجربة.




إخفاقات



أرض جو


لم يُكتب النجاح لمسلسل «أرض جو» (ﺗﺄﻟﻴﻒ محمد عبد المعطي، وﺇﺧﺮاﺝ محمد جمعة) الذي لعبت بطولته غادة عبد الرازق (الصورة) ومحمد كريم وأحمد الشامي وعبد الرحمن أبو زهرة وغيرهم. جاء العمل مخيّباً للآمال، ولم يدخل المنافسة، بل صنّف من الأعمال التي كانت دون الوسط في هذا الموسم. لعبت غادة دور «سلمى»، وهي مضيفة طيران تتعرّض للكثير من المشاكل، وتتّهم بارتكاب جريمة اختطاف طائرة. في البداية، واجه المسلسل الكثير من الانتقادات على اعتبار أنّه «يسيء إلى دور المضيفة»، لكن هذه الموجة لم تكن السبب الأساس في هزيمة «أرض جو». هناك عوامل عدّة وقفت وراء فشله، أو عدم تحقيقه نسب مشاهدة عالية، إذ تعرّضت عبد الرازق لانتقادات على خلفية إطلالتها المبالغ فيها لناحية الماكياج واختيار الملابس. كذلك إنّ شخصيات المسلسل كانت نسخاً مكرّرة لأخرى ظهرت في أعمال سابقة لغادة، وقد تنوّعت بين الغدر والخيانة والطمع. إذاً، في المحصّلة، كان «أرض جو» خالياً من التشويق وحلقاته باهتة.

ذروة الخيبات



ذروة الخيبات لهذا الموسم كان «أوركيديا» (عدنان العودة وحاتم علي) الذي وفرّت له كل الظروف ليكون عملاً ضخماً، بلغت ميزانيته ما يفوق 5 ملايين دولار، مكّنت منتجه هلال أرناؤوط من التعاقد مع نخبة من نجوم سوريا. لكن النتيجة كانت صادمة، مهدت الطريق للنيل من كاتبها الذي لم يجد حلاً مع هذا الفشل سوى التبرؤ الكلي منه بعد أيام قليلة من العرض، خاصة أن مخرج «التغريبة الفلسطينية» كان مشغولاً عن قراءة النص كونه أنجز مسلسلاً في مصر. ولدى عودته فوجئ بأن ورقه سيء، فاستقطب إياد ابو الشامات ليعدّل، وما كان من الاخير سوى أن أضاف خطاً ولعب بطولته، مما أسهم في إصابة العمل بمزيد من التهالك. لم يرف لمخرج «عمر» جفن، ولم يعنه أنه عرّاب التجارب التاريخية الأيقونية من «صلاح الدين» إلى «ثلاثية الأندلس» و«الزير سالم». هكذا، أجهز على صيته الطيّب بعمل واحد يدعي أنه عن سقوط الممالك، فنرى أوركيديا تتهاوى بأقل من ثلاث دقائق وبحفنة مقاتلين يتقاتلون بطريقة كوميدية، فيما سيف العز (عابد فهد) القائم على المملكة قد غط في نشوة الحشيش. اللافت أن قصة فهد مع تجسيد مشاهد الحشيش بدأت منذ أن ابتدعها له سامر رضوان في «الولادة من الخاصرة 3»، واستمرت مع «سمرقند» ولم تنته حتى سقطت أوركيديا من يده. الأداء التمثيلي الباهت لنجوم سوريا، والأخطاء اللغوية، وخطابات الملوك على ساحات فارغة أو أمام بضعة من الكومبارس، والاستعداد لمعارك لم نشاهدها، بسّن نصل سيف واحد فقط لا أكثر، وديكور البلاتوهات التي تشبه مسلسل الأطفال «كان يا ما كان»... كل ذلك كان قوام الفشل.

لآخر نفس


في خضمّ الاستعدادات لانطلاق السباق الدرامي الرمضاني لهذا العام، عُلّقت آمال كبيرة على «لآخر نفس» (إخراج أسد فولادكار) الذي كتبته كارين رزق الله وشاركت في بطولته إلى جانب بديع أبو شقرا ورودني حدّاد ورندا كعدي وغيرهم. جاء ذلك وسط ارتفاع ملحوظ في عدد المسلسلات اللبنانية، وفي منسوب التفاؤل بشأن ازدهار صناعة الدراما محلياً. لكن لم يمرّ وقت طويل قبل أن تتكشّف مشكلة أساسية في هذا العمل. نحن لا نتبنّى المحاضرات الأخلاقية التي ألقيت عبر السوشال ميديا وبعض المنصات الإعلامية حول «تشجيع الخيانة والانحلال المجتمعي»، عبر الإضاءة على «هزار» التي خانت زوجها «نديم». المعضلة تكمن في العدد الكبير من القضايا التي قرّرت رزق الله طرحها. لا شك في آنية المواضيع وأهميّتها، لكن توسيع البيكار أدّى إلى معالجة خفيفة ومجتزأة، انطلاقاً من أزمة الصحف والإنجاب خارج الزواج، مروراً بالعلاقة مع المرأة الأكبر سنّاً والظروف الاجتماعية الصعبة للفلسطينيين في لبنان والوحدة والشيخوخة، وليس انتهاءً بالتحرّش على يد مقرّبين.

جنان نسوان



يمكن الحديث عن كمٍّ هائل من الأعمال الكوميدية السورية التي تسللت بطريقة مشبوهة إلى الشاشة، رغم انعدام موهبة صنّاعها. الأمثلة كثيرة، وربما كان أكثرها دقة ما يقدمه فادي غازي كمؤلف ومخرج وممثل، يورّط كل عام أحد النجوم المهمين في مستنقعه. كذلك ظهر عبد المنعم عمايري بزيّ لا يشبه موهبته في «سليمو وحريمو» العام الماضي، تطل ديمة قندلفت ووائل رمضان هذا العام في «جنان نسوان» (فادي غازي). ها نحن أمام جرعة مفرطة من الابتذال الممنهج الذي يطرح المرأة على طريقة «شوال البطاطا» وبرخص يصل إلى تشويه بصري وإساءة عميقة إلى اسم الدراما السورية. أما «بقعة ضوء» (الصورة) الذي حصد نجاحات متتالية في الماضي، فقد وصل إلى مستوى دوني حيث لم يعد القائمون عليه يفهمون الفكرة أو الهدف الذي تقوم عليه الاسكتشات التلفزيونية الساخرة وكيفية بنائها وآلية تنفيذها. باستسهال واضح، أنجز فادي سليم الجزء 13 من السلسلة الشهيرة، فاستحقت لقب أسوأ عمل سوري هذا الموسم.

عفاريت عادل إمام



لا يزال عادل إمام نجماً بلا منازع، نظراً إلى تاريخه الفني الخصب والكبير. لكن لا يمكن تصنيف أعماله التلفزيونية الكوميدية الجديدة إلا ضمن خانة الفشل. ليست المرّة الأولى التي يفشل فيها «الزعيم» في جذب المشاهدين. فللعام الثالث على التوالي، يُهزم «الزعيم»، وهذه المرّة من خلال مسلسل «عفاريت عدلي علام» (ﺗﺄﻟﻴﻒ يوسف معاطي، وﺇﺧﺮاﺝ رامي إمام). أطلّ الفنان البالغ 77 عاماً بدور «عدلي»، هو موظف محب للقراءة. يعيش مع زوجته «النكدية» التي تدعى «حياة» (هالة صدقي)، وأخيها «عربي» تحت سقف واحد. تظهر له عفريتة «سلا» (غادة عادل)، وتطلب منه دخول حياته في مقابل أن تغيّر له حياته للأفضل. عمل من نسج الخيال، كأنّه «يضحك» على عقول المشاهدين ويستخفّ بالمتابع الذي كان ينتظر عملاً كوميدياً من العيار الثقيل. جاءت المشاهد والاسكتشات مكرّرة إلى درجة الملل، حتى أنّ ثنائية إمام مع صدقي لم تسهم في رفع أسهم المسلسل، وكانت شخصيّتها أشبه بـ «مهزلة» في العمل.

باب الحارة


بثقة مطلقة، يمكن القول بأن كل لقطة تنجزها الدراما السورية بالاتكاء على التسمية المفبركة المسماة الفنتازيا الشامية هي بمثابة تشويه وإدعاء وتخريب إضافي للصنعة السورية ولتاريخ أعرق عاصمة في العالم. حتى الحكاية المفترضة التي تستند إلى دعائم تاريخية لها علاقة بدمشق، يتوجّب عليها احترام الشكل العام للمدينة، وتقديم سياق بمفاصل تاريخية عريقة. هذا العام، يغط «طوق البنات» مثلاً في السردية المملة ذاتها التي تتيح لرشيد عساف أن يحقق حلمه السنوي بأن يكون زعيماً لحارة تآكلت جوانبها لاجترار مفاهيم بالية، وفق طريقة مهترئة في تقديم الدراما. لكن الدهشة كانت في «باب الحارة 9» (سليمان عبد العزيز وناجي طعمي- إشراف بسام الملا) الذي غيّر جلده فجأة فعلاً. نال العمل عن استحقاق الفشل بطريقة أكثر تنوعاً وحيوية. بعدما فتح عصام (ميلاد يوسف) فمه من الدهشة على مدار حلقات متتالية وهو يحتفل بخط الهاتف، جرّب معتز (مصطفى سعد الدين) بالسذاجة ذاتها صياغة «الكدعنة»، بينما انشغل النمس (مصطفى الخاني) بقراءة طرائف على الفايسبوك وإحالتها إلى حواراته. وحدها فوزية (شكران مرتجى) قدمت فروض الولاء، فنالت رضى الآغا المطلق، ومنحها خطاً جديداً وشخصية ثانية مقحمة لأخت توأم. المشروع لم يعد مصدر رزق لبسام الملا وحده، بل تبعته العائلة الكريمة، شمس وأدهم، ولداه الوحيدان صارا نجمين في المسلسل رغم سيل السخرية والنفور والشتام التي ينالها الملا الابن جماهيرياً.


لست جارية


لم يكن ينقص الدراما السورية سوى «لست جارية» (فتح الله عمر وناجي طعمي) لتكتمل معالم الكارثة. سريعاً يخلق العمل حالة نفور بدءاً من اسمه الذي يعيدنا إلى زمن السلاطين وجواريهم وما ملكت أيمانهم، أو يأخذنا إلى الوافدين الجدد من عمق الجاهلية لإحياء دولة إسلامية في القرن الـ 21. تنطلق البنية الرئيسية من حالة أكل عليها الزمن وشرب، تتمثل في تعرض فتاة لاغتصاب في طفولتها وفقدان غشاء بكارتها. لا نقول بأن غشاء البكارة لم يعد قضية متداولة في مجتمعاتنا التي لم تتعافَ من حبس الشرف بين رجلي الأنثى، لكن لو كانت النية جديّة للتصدي لهذا المرض الذي يلاحق منظومات المجتمع الشرقي، لطرحت حكاية بطريقة متحررة من ثقل التابوهات. لا يقصّر الجانب الإخراجي في إضافة الكمّ الكافي من التشويه للمقترح الكتابي. وبسبب محدودية أي رؤية فكرية وتلاشي روح المخيلة الإبداعية، نرى ممثلين بارعين في أسوأ حالتهم على رأسهم عبد المنعم عمايري أستاذ التمثيل والجوكر الذي لا يقع، إلا واقفاً، يضع نفسه هنا في مكان مسيء إلى تاريخه.