دمشق | بحجة امتناعهم عن تسديد ما يعادل ستّة دولارات سنوياً، فُصل 200 فنّان سوري من نقابتهم (فرع دمشق) بقرار من النقيب زهير رمضان. وبين الفنّانين المفصولين قامات سوريّة كبيرة كهيثم حقي، هشام شربتجي، حاتم علي، جمال سليمان، وأسامة الروماني، إلى جانب نجوم من وزن تيم حسن وباسل الخيّاط. وشملت القائمة أيضاً كل الفنّانين السوريين المعارضين أمثال: سميح شقير، سامر المصري، مكسيم خليل، محمد أوسو، مي سكاف، ريم علي، وحتى الممثلة سمر كوكش التي تقضي محكوميتها (ثلاث سنوات ونصف السنة) بتهمة تمويل الإرهاب، ولا توفرّ القائمة أيضاً جومانا مراد، والنجمة نورمان أسعد رغم اعتزالها التمثيل قبل سنوات.
القرار صدر مطلع الشهر الفائت (10 حزيران/ يونيو)، ولم يُسمع به إلا أول من أمس حين سرّبت صفحات على الفايسبوك صورة عن قرار النقابة القاضي بفصلهم لـ»تخلفهم عن تسديد اشتراكاتهم لأكثر من ستّة أشهر».
لدى اتصال «الأخبار» بنقيب الفنّانين زهير رمضان للاستفسار عن الموضوع، بادرنا بالاستغراب، لأننا لم نسمع به من قبل، مشيراً إلى أنّ قرار الفصل سبقه توجيه إخطار رسمي لهم في الصحف الرسمية السورية، بالإضافة إلى تواصل مكتب العلاقات العامة مع المُخطَرين لتسديد ما ترتّب عليهم.
وأشار رمضان إلى أنّ مديونية النقابة وصلت إلى 15 مليون ليرة سوريّة (نحو 50 ألف دولار)، نتيجة تراكم «الذمم» أو الاشتراكات المتأخرة على عددٍ كبير من أعضائها، بعضها يعود إلى تسع سنوات خلت. لكن ما قيمة الاشتراك السنوي؟ يجيب: «1800 ليرة سوريّة»! إلا أنّ هذا ليس كل شيء، وهنا ربمّا تكمن القطبة المخفيّة في القصّة، إذ تشترط النقابة «قيام الفنّان بالحضور بشكل شخصي لتسديدها»، لماذا؟ تأتي الإجابة الأكثر غرابةً على لسان رمضان: «قرار تم اتخاذه بعد حالات اكتشف فيها تسديد اشتراكات لفنّانين بعد وفاتهم»! مشيراً إلى أنّ النقابة بدأت معه عهداً جديداً تحتكم فيه إلى القانون.
عهدٌ جديد، هكذا يراه النقيب، لكنّ النقابة في هذا العهد لم تغادر صورتها النمطيّة السيئة في أذهان أعضائها، كجابي ضرائب لا أكثر، بينما تتجاهل وظيفتها الحقيقية بالدفاع عن حقوق الفنانين، بل ها هي تضع العراقيل أمامهم، فأي منطقٍ يلزم الفنّان بالحضور إلى النقابة لتسديد اشتراكاته بشكل شخصي؟ وإذا لم يفعل ذلك، يفصل، خصوصاً أولئك الذين اضطرتهم ظروف الحرب في سوريا للإقامة خارج البلاد؟
ما زالت مفاعيل العهد «الأمني» الجديد لنقابة الفنّانين السوريين ساريةً، بإقصاء فنّانين آخرين، وإحالتهم لمجلس تأديب على خلفية توجيه النقابة لهم اتهامات بـ»تعرضهم لرموز السيادة الوطنية في سوريا، وتشويه سمعة الجيش العربي السوري عبر وسائل الإعلام». «حضرة» النقيب كان قد أصدر قائمةً مبدئية تضم: جمال سليمان، مكسيم خليل، عبد الحكيم قطيفان، مي سكاف، عبد القادر المنلا، مازن الناطور، لويز عبد الكريم، وسميح شقير»، على أن ينظر فيها قاضٍ برتبة مستشار، ويصدر قراره بشأن فصلهم نهائياً. وهذا ما يرجّحه رمضان، بينما أبقى أبواب العودة لحضن نقابته مفتوحاً أمام المفصولين، بسبب الاشتراكات المالية المتراكمة عليهم، بمجرد تسديدها.