شهدت الحركة المسرحية زخماً وتنوّعاً في 2016، رغم تواصل إغلاق فضاءات الفرجة آخرها «مسرح بابل». طبعاً، كان شكسبير سيد الساحة احتفى به العالم في مناسبة مرور 400 عام على وفاته، فكان مناسبةً أعادت إلينا معلّمين لبنانيين إلى الخشبة.
هكذا، رأينا روجيه عسّاف في دور الملك لير في مسرحية سحر عساف على خشبة «المدينة»، فيما جال المخرج المعروف جلال خوري بعرضه «شكسبير إن حكى»، مستعيداً أبطال المسرحي الانكليزي برفقة ميراي معلوف ورفعت طربيه. وشهد العام انطلاق الدورة الأولى من «مهرجان زقاق» بمبادرة من الفرقة المسرحية الشابة التي استجلبت عروضاً أدائية وموسيقية وأقامت معارض ومحاضرات ونقاشات، ودعت ضيوفاً استثنائيين مثل المخرج المسرحي الألماني توماس أوسترماير. وبينما واصل المخرج قاسم اسطنبولي عمله البطولي والفردي في مسرحه في صور، أطلق المخرج الشاب شادي الهبر مبادرة فردية أخرى، تمثلت في افتتاحه «مسرح شغل بيت» في فرن الشباك، ليكون حضناً وملتقى للعروض والتجارب والتمارين والدورات المسرحية، وواصل الثنائي يحيى جابر وزياد عيتاني التوثيق ليوميات وتفاصيل بيروت ماضياً وحاضراً من خلال عرضهما «بيروت بيت بيوت». لعلّ أهم المواعيد التي شهدتها بيروت هو الاحتفال بالعيد العشرين لـ «مسرح المدينة». إذ دعت مؤسِّسة المسرح الممثلة القديرة نضال الأشقر نخبة من الفنانين الذين يمثلون أجيالاً ومدارس وتيارات مختلفة ومتنوعة، لتقديم عروضهم على الخشبة، فكنا أمام عشرة أيام من المتعة الخالصة مع أعمال ولقاءات ومواعيد ضربها لنا كل من فؤاد نعيم، عصام بوخالد، ناجي صوراتي، لينا أبيض، ميشال جبر، روجيه عسّاف، سحر عساف، هشام جابر، زينة دكاش، لينا خوري، فرقة «زقاق»، ربيع مروة... وطوال السنة، أقيمت المهرجانات الدورية في وقتها مثل الدورة 12 من «مهرجان بايبود» والدورة 17 من «المهرجان الدولي للحكاية الشفهية والمونورداما» في «مسرح مونو»، والدورة الخامسة من «مهرجان الربيع»، والدورة الخامسة من «مهرجان مشكال»... وخيم طيف المسرحي عصام محفوظ (1939 ـ 2006) على بيروت في ذكرى عشر سنوات على رحيله. نصوص أحد روّاد المسرح اللبناني الحديث، ما زالت معاصرة أكثر من أي وقت مضى. هذا ما شاهدناه عندما أعادت المخرجة لينا خوري تقديم نصّه «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو ٧١» على خشبة «المدينة»، بينما تولت سحر عساف تقديم نصّه «الجنرال» في «مسرح مونو». وفي زمن الظلامية واضطهاد الجسد، استعادت بيروت رموزها التنويرية، فقدّمت علية الخالدي مسرحية «عنبرة» التي استذكرت الرائدة النسوية عنبرة سلام الخالدي، التي تحدّت أعراف مجتمعها وتقاليده، وكانت أول من نادى بمشاركة المرأة في الحياة السياسية وحقها في التعليم، تزامناً مع حركات التحرر الوطني من نير الحكم العثماني. ومن الماضي إلى الراهن القاتم، حلّ الثنائي التونسي المعروف الفاضل الجعايبي وجليلة بكار على «مسرح المدينة» ليقدّما «العنف». عمل في قلب الراهن، يستعرض حال المجتمع التونسي وتغلغل العنف في نسيجه، وتحوّل فعل القتل الى فرجة على فايسبوك!