«من يحتاج إلى سيرك بوجود السياسة؟». طرحت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» هذا السؤال في عنوان مقال نشرته في بداية العام الحالي يرصد ردود أفعال روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة على إغلاق سيرك The Ringling Bros الشهير بعد أكثر من مئة عام من العمل المتواصل، إثر نجاح ضغوط الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق الحيوان.
«السيرك: داخل أكبر قصة على الأرض»، هي سلسلة وثائقية أبصرت النور أخيراً عبر شبكة «شو تايم»، تزيح الستار عمّا يجري داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، «كاشفةً قصصاً مكثفة وملهمة ومثيرة للاهتمام وراء عناوين الصحف».
مثلان حديثان بسيطان يُظهران الربط الذي يحدث غالباً بين السياسة والسيرك، من باب التهكّم والواقعية في آن واحد.
في ظل الجنون والسوداوية اللذين يخيّمان على العالم أجمع، تتشابه أدوات السياسيين، اليوم أكثر من أي وقت مضى، مع كل ما في تلك الخيمة الكبيرة من تمثيل، وتهريج، وخدع، وألعاب خفّة وسحر، وحركات بهلوانية، وتبادل أدوار، وأقنعة...
هذا تحديداً ما دفع المخرج اللبناني هشام جابر إلى التفكير في مشروع فني ــ استعراضي كبير يحاكي الوضع السياسي المحلّي والعالمي، يقوم على المزج بين فنون السيرك، والمسرح الغنائي، والقصص الخيالية. تحمل التجربة الجديدة اسم «السيرك السياسي»، وسيتمكّن الناس من الاستمتاع بها في 2 و3 و4 آب (أغسطس) المقبل، ضمن فعاليات «مهرجانات بيت الدين». يشكّل هذا العمل امتداداً لنجاح «هشّك بشّك» المستمر في «مترو المدينة» منذ عام 2013، وينتمي إلى فن الكباريه في مصر من العشرينيات إلى الستينيات، ثم «بار فاروق» الذي راهن عليه «بيت الدين» قبل عامين واستعاد أغنيات لبنانية مع بعض الأعمال الجديدة.
«اليوم الأغاني كلّها جديدة»، يقول جابر في دردشة سريعة مع «الأخبار» عما سيقدَّم خلال «السيرك السياسي» الذي وضعت لجنة «بيت الدين» ثقتها فيه وأنتجه. قرار اتخذ رغم «الضائقة الاقتصادية والضرائب المتزايدة خصوصاً على القطاع السياحي... وانطلاقاً من موقع هذا المهرجان الثَقافي والاجتماعي، والتزاماً بقضايا المجتمع والشباب، وإثباتاً لإيماننا بمواهب الشباب اللبناني، وبتشجيعهم على تقديم أعمال رائدة وجريئة، وبإعطاء مساحة للحرية...»، على حد تعبير رئيسة اللجنة نورا جنبلاط، قبل أيّام خلال المؤتمر الصحافي الذي أطلقت فيه هذا المشروع.
بالعودة إلى تفاصيل «السيرك السياسي»، يشرح لنا هشام جابر أنّ الأحداث تدور في بلد متخيَّل اسمه «خربة الأحلام» يعتزم المسؤولون فيه إجراء انتخابات بعدما قلقوا من الحالة السيئة التي وصل إليها الشعب بمختلف طبقاته من «الاكتئاب والملل وفقدان الحماسة». بعد الكثير من البحث، وجد المسؤولون أنّ الحلّ الأمثل للمشكلة المتفاقمة هو اللجوء إلى صناديق الاقتراع، لكن ضمن سباق يخوضه مرشّح واحد لا غير! إنّه «أبو فاس النسناس» الذي يحتاج إلى عوامل بسيطة لنيل مراده: حملة انتخابية، ومهرجان، وسيرك، وخطاب. حين نسأله عمّا إذا كانت الفكرة مستوحاة من الساحة اللبنانية التي يكثر الحديث فيها عن الانتخابات النيابية المنتظرة، ينفي المدير التنفيذي لـ «مترو المدينة» الموضوع، مشيراً إلى أنّنا «نعيش في مهرجان انتخابي منذ سنوات»، في إشارة إلى التأجيل المتكرّر لهذا الاستحقاق.
أكثر من 60 فناناً سيصطحبون الحاضرين في رحلة إلى عوالم السيرك والفانتازيا لمهرجان انتخابي من نوع آخر، تختلط فيه الأدوات السياسية مع فنون السيرك والمسرح والسحر والموسيقى والغناء.

ياسمينا فايد منظمة المهرجان الانتخابي، وساندي شمعون المهرّج، وفائق حميصي الساحر!
العمل من تأليف وإخراج هشام جابر الذي كتب كلمات الأغاني، وتشارك التلحين مع زياد الأحمدية (يؤدي دور قائد الفرقة). مهمّة الأخير شملت كذلك التأليف والتوزيع الموسيقي بالاشتراك مع خالد صبيح ونضال أبو سمرا، على أن يقود الأوركسترا المايسترو لبنان بعلبكي.
أما فنون السيرك، فسيتولّاها فنانون محترفون جاؤوا خصيصاً من السويد، وإيطاليا، وإسبانيا والأرجنتين. على صعيد الأبطال، تضم اللائحة أسماء كثيرة بعضها يعرفها جمهور «مترو المدينة» جيّداً، من بينهم ياسمينا فايد (منظمة المهرجان الانتخابي)، وساندي شمعون (المهرّج)، وفائق حميصي (الساحر)، وسماح بو المنى، وأحمد الخطيب، وفرح نعمة، وبهاء ضو، وباسل ماضي، وعماد حشيشو، ونعيم الأسمر، وزياد شكرون، وزياد جعفر، ورندا مخول، وغيرهم. يستبعد هشام جابر أن ينتقل «السيرك السياسي» إلى «مترو المدينة» كما حصل في 2015 مع «بار فاروق»، لأنّ مقوّماته كبيرة جداً مقارنة بالحجم الصغير للفضاء البيروتي: «إلا إذا تقرّر عرضه لاحقاً في أماكن أخرى توفّر مساحة كبيرة قادرة على استيعابه».

«السيرك السياسي»: 2 و3 و4 آب (أغسطس) المقبل ــ الساعة الثامنة والنصف مساءً ــ قصر «بيت الدين» (الشوف). للاستعلام: 01/999666