القاهرة | هي معركة حق. الدفاع عن حرية الصحافة معركة تستحق أن يصطف الجميع صفاً واحداً حولها. لكن هل هناك حرية أصلاً في مصر لتدشين حملات للدفاع عنها؟ القانون الذي سمّي قانون «الإرهاب»، تحوّل هدفه من محاربة الإرهاب، ليكون هو نفسه مصدراً لإرهاب المجتمع ككل بما فيه الصحافة وأهلها.
وفقاً للمادة السادسة من القانون الذي يفترض أن يصدر خلال أيّام، «لا يساءل جنائياً القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال، وذلك كلّه متى كان استخدامهم لهذا الحق ضرورياً وبالقدر الكافي لدفع الخطر».
رفضت نقابة الصحافيين مشروع القانون المقترح، وأكدت رفضها القيود التي يضعها على حرية الصحافة، فيما عقد مجلس إدارة النقابة اجتماعاً طارئاً أمس، لمناقشة وسائل الرد على المشروع. واستندت النقابة في حملتها على القانون التي بدأت أوّل من أمس إلى المادة 71 من الدستور التي تنص على «حظر توقيع أي عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدّد عقوباتها القانون».
بيان النقابة ركز هجومه على المادة 33 من مشروع القانون حول العقاب بالحبس «لمدّة لا تقل عن سنتين، كل من تعمّد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة فى هذا الشأن». واعتبرت النقابة أن هذا النص يصادر حق الصحافي في الحصول على المعلومات من مصادرها وتحصرها في جهة واحدة، ما «يُمثل ارتداداً واضحاً على حرية الرأي والتعبير».
وأضاف البيان أنّ القانون فتح الباب لمصادرة حرية الصحافة، وإهدار الضمانات كافة التي كفلها القانون للصحافي، باستخدامه عبارات مطاطة، لا تفرّق بين مواجهة الإرهاب، ومصادرة حرية الصحافة، مشدداً على أن محاربة الإرهاب لا تكون بمصادرة الحريات العامة، بل «بإطلاق الحريات العامة وإدخال المجتمع كشريك رئيسي في مواجهة جماعات التطرف والعنف».
وحذّرت النقابة في بيانها من أنّها ستتخذ كل الإجراءات التصعيدية لمواجهة مشروع القانون، من بينها «دعوة رؤساء التحرير، وأعضاء مجالس الإدارات والجمعيات العمومية في المؤسسات الصحافية القومية، والجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، لمواجهة محاولات النيل من الصحافة وحريتها».
ويعاني الصحافيون المصريون من التضييق، والتهديد، واعتبرت «لجنة حماية الصحافيين» التي تتخذ من نيويورك مقرّاً لها أنّ هذه التهديدات «لا سابق لها في مصر»، موضحةً في بيان أصدرته في نهاية الشهر الماضي أنّ التهديد بالسجن جزء من «مناخ تمارس فيه السلطات الضغوط على وسائل الإعلام لفرض الرقابة على الأصوات الناقدة وإصدار أوامر بعدم التحدث عن مسائل حساسة». وأحالت اللجنة إلى السجن 18 صحافياً لأسباب مرتبطة بتغطيتهم الصحافية في مصر، مشددة على أنّ هذا الرقم «قياسي».
ولا يفهم كثيرون سبب إصرار الدولة على أن يتضمن قانون الإرهاب فقرة تحظّر مخالفة البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، في حين أنّ أي رئيس تحرير لا يستطيع الخروج من «حظيرة» الدولة، أو مخالفة تعليمات المتحدث العسكري، أو أوامر ضابط استخبارات صغير، إن لم يكن خوفاً، فخضوعاً لعنوان عريض: «نحن نحارب الإرهاب ويجب أن تكون معنا».