بين 2010 و2011 أقام السينمائي اللبناني زياد دويري في تل أبيب، وصوّر فيلماً بعنوان «الصدمة» يروّج لإسرائيل، مع ممثلين إسرائيليين ومنتج تنفيذي إسرائيلي وطاقم معظمه إسرائيلي، فاتحاً باب التطبيع الثقافي على مصراعيه مع العدوّ، للمرّة الأولى في لبنان. في عام 2012 تنقّل الفيلم بين المهرجانات، ولاقى حفاوة في الإعلام الغربي والإسرائيلي والسعودي، فيما سحبت رخصة عرضه في لبنان، ومنعته الدول العربيّة، بما فيها قطر التي أسهمت في دعمه.
استنكر دويري هذا القرار، وأدلى بعدد من الأحاديث إلى الإعلام الاسرائيلي، من صحف وتلفزيونات، مادحاً «شجاعته كفنّان» وشاكياً للعدوّ «تخلّف» الدولة اللبنانيّة… بالمقارنة ضمناً مع «حضارة إسرائيل»! في عام 2016 عاد زياد دويري إلى لبنان كأن شيئاً لم يكن، وباشر تصوير فيلم جديد ينطلق على الشاشات اللبنانيّة بعد أيّام، في ذكرى إعدام بشير الجميل. كادت الصفحة تطوى بمنتهى الطبيعيّة، لو لم تثر «الأخبار» القضيّة، فكان أن أوقف الأمن العام مساء أمس دويري في طريق عودته الظافرة من «البندقيّة» (راجع ص 23). لكن النائب العام العسكري، القاضي صقر صقر، سرعان ما طلب إخلاء سبيله، قبل أن ينشر وزيرا الثقافة والإعلام تغريدات مشينة دفاعاً عنه! من يحمي دويري؟ إذا لم يحاسَب الأخير فوراً على جريمة التعامل مع إسرائيل ــ أو على الأقل ليعتذر من شعبه ويتبرّأ من فعلته الشنيعة ــ وإذا لم يعلّق عرض فيلمه الجديد حتى طيّ «ملفّه الاسرائيلي»، فستكون الرسالة واضحة من قبل الدولة اللبنانيّة: «تعاملوا مع إسرائيل… لن يحاسبكم أحد!». ولئلا تنتهي الأمور بهذا الشكل المعيب، فإننا نؤمن أن الغضب الشعبي هو الملاذ الأخير في الديمقراطيّة، حين تنحرف المؤسسات الشرعيّة عن تحمّل مسؤولياتها، بسبب سوء استعمال المسؤولين للسلطة. نعم، آخر العلاج الكيّ. وسنحمّل تبعات ذلك للسلطتين القضائية والتنفيذية.
(الأخبار)