في 24 أيلول (سبتمبر) المقبل، تنقل قناة lbci سهرة انتخاب «ملكة جمال لبنان» لعام 2017 مباشرة على الهواء من «كازينو لبنان» (جونيه). الملكة الفائزة ستتسلّم التاج من الملكة السابقة ساندي تابت، بعد خوض منافسة بين زميلاتها في مختلف المراحل، من الإطلالة بملابس البحر إلى فساتين السهرة، مع الإضاءة على خلفيتها الثقافية والفكرية عبر الإجابة عن أسئلة اللجنة. الأنظار كلها تتوجه كل عام إلى هذا الحدث الجمالي لأنه يتمّ في نهايته التعرّف إلى ملكة جديدة، ربما تتحوّل لاحقاً إلى «نجمة»، كما حصل مع نادين نسيب نجيم (ملكة 2004) وفاليري أبو شقرا (ملكة 2015)... لكن أسئلة عدة يطرحها المشاهد: كيف تتمّ عملية انتخاب الملكة؟ وما هي المعايير؟ وما دور «وزارة السياحة»؟ وهل هناك حسابات متنوعة تدخل في عملية اختيار الملكة؟
في الأعوام الماضية، قررت الوزارة وضع حدّ للمسابقات الجمالية «العشوائية» في كافة أنحاء المناطق، وأعلنت أنها سترعى 4 مسابقات فقط على رأسها «ملكة جمال لبنان».

تضع الوزارة دفتر شروط محدداً لانتخاب الفائزة. يؤكّد مصدر من الوزارة يرفض الكشف عن اسمه، أن الأخيرة لا تدفع أيّ مبلغ مادي لقاء تنظيم وانتخاب الملكة، وكل ما تقوم به هو رعاية السهرة. كما أنّها لا تغطّي نفقات الملكة المنتخبة خلال سفرها والمشاركة في المسابقات العالمية، بل إن الشركة المنظمّة للسهرة (حالياً lbci وشركة «فانيلا بروداكشن» لصاحبتها رولا سعد) هي التي تتكفّل بتلك الخطوة، على أن تقوم القناة بدورها ببثّ إعلانات عن الوزارة وأنشطتها. لكن لماذا تحرص الوزارة على التمسّك بتلك السهرة؟ يجيب المصدر أنّ «ملكة جمال لبنان» أصبحت بمثابة عُرف بدأ منذ عام 1960، وتوقف سنوات بسبب الحرب، وعاد في بدايات التسعينيات. كما أنّ الملكة تعمل على نشر اسم لبنان في الخارج من خلال مشاركتها في المسابقات العالمية منها «ملكة جمال الكون» و«ملكة جمال العالم». لكن هل من محاصصات في هذه المسابقة جرياً على العادة اللبنانية؟ يحاول المصدر أن يُظهر أنّ المسابقة لا تدخل فيها المحاصصات الطائفية أبداً، عازياً أمر الاشتراك فيها إلى اختلاف الثقافات في المجتمع اللبناني، وجرأة المشتركة للظهور بملابس البحر مثلاً. على أن يوكل للجنة في النهاية أمر الانتخاب بناء على أمور عدة منها ما يتعلّق بالشكل الخارجي وأخرى بالثقافة وشخصية الفتاة. على الضفة الأخرى، يبدو أنّ lbci تتمسّك ببثّ المسابقة لأسباب عدّة منها تجارية تتعلّق بحزمة الإعلانات الموفدة اليها، خصوصاً أنّ المسابقة تحطّم أرقاماً قياسية في نسبة المشاهدة. وتتولىّ lbci مهمة نقل الحدث منذ أكثر من 22 عاماً.

حصلت lbci على ترخيص
من «وزارة السياحة»
لنقل الحدث منذ 1995
فالمسابقة التي تأسست بداية الستينيات، شهدت مطبّات عدّة أدت إلى إلغائها في الأعوام 1968، 1969، 1972، 1988، 1989، 1990 بسبب الحرب الأهلية اللبنانية والصراعات مع «إسرائيل»، وعادت إلى الشاشة الصغيرة في عام 1991. وحصلت lbci على ترخيص (يتم تجديده كل فترة) من قبل «وزارة السياحة» لنقل الحدث منذ عام 1995. على هذا الأساس، تبدأ lbci قبل نحو شهرين من تاريخ الانتخاب (تتم عادة بين شهري أيلول وتشرين الأول)، عرض إعلان ترويجي يشجّع الفتيات اللواتي يملكن مواصفات معينة (الطول/ العمر/ الثقافة) للمشاركة في مسابقة «ملكة جمال لبنان». تتقدّم مجموعة فتيات إلى المسابقة، وتختار لجنة يتمّ تغييرها سنوياً وتتألف من مندوبين من الوزارة وlbci، ومتخصصين في الشأن الجمالي، الجميلات اللواتي يصلن إلى المرحلة النهائية. كما استحدثت في السنوات الاخيرة ما يشبه الاكاديمية التي تعلّم المتسابقات خطوات أصول التصرّف في المسابقة. الاكاديمية جاءت بسبب الهفوات «الكارثية» التي كانت تصدر عن المتسابقات. لكن هل تسعى قنوات أخرى لنقل سهرة «ملكة جمال لبنان»؟ الجواب نعم، إذ تسعى mtv لبثّ المسابقة على شاشتها، لكن لغاية اليوم لم تحصل على تلك الفرصة. كما أنّ شركات الاعلانات (مستحضرات التجميل/ المجوهرات/ السيارات...) تضع ثقلها في تلك الليلة لتخرج بسهرة ناجحة. تسعى lbci لإعطاء تلك السهرة طابعاً فنياً وجمالياً، عبر تحويلها إلى سهرة متنوّعة يحييها مغن (ة) معروف.
لكن لن تقف مهام lbci عند اختيار الملكة فحسب، بل ترافق الفائزة للمشاركة في المسابقات العالمية، وتدفع أموالاً طائلة لتلك المسابقات كي تشارك فيها الملكة اللبنانية. على أن تقوم الشاشة المحلية بنقل الحدث الجمال العالمي على شاشتها وتضيء على الملكة الجديدة. كذلك تتكفّل المحطة بتحرّكات الملكة خلال عام كامل، عبر شركات الاعلانات التي توقع عقوداً معها للاهتمام بجمال الفتاة وشكلها الخارجي. هذا هو الحال بالنسبة إلى دور «وزارة السياحة» و lbci في المسابقة، فماذا عن الهدايا التي تتلقّاها الفائزة باللقب؟ من المعروف أنّ «المحظوظة» في «ملكة جمال لبنان» تخرج بهدايا بآلاف الدولارات، على عكس المسابقات الجمالية حول العالم. إذ تنال جوائز قيّمة (حسب شركات الاعلانات) كعقد من الماس، وسيارة حديثة، وشقة جاهزة للسكن وهدايا أخرى. رغم الاهتمام بالنواحي الجمالية للملكة، إلا أنه يُلاحظ في السنوات الأخيرة غياب التنسيق الإعلامي بين الملكة ووسائل الإعلام. هذا الأمر يؤدي إلى غياب الفائزة عن الساحة وعدم الترويج لها. تكتفي lbci بنقل تحركات الملكة في الايام الاولى لانتخابها، منها زيارتها الرسمية إلى رئيس الجمهورية، أو إجراء مقابلة سريعة معها. باختصار، تدخل سهرة «ملكة جمال لبنان» ضمن نطاق الحفلات «الخفيفة»، فيما قلة هنّ الملكات اللواتي يتركن أثراً كما فعلت طبعاً جورجينا رزق في ذاك اليوم البعيد من الزمن السعيد.