القاهرة | مات عُمر الشريف (1932 ــ 2015)، الفنان العالمي الذي ظهر في العصر الذهبي للسينما المصريّة خلال فترتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.مات عُمر الشريف الذي مثّل مصر بوجهه الحسن وفنّه المتميّز في السينما العالميّة. مات عُمر الذي اقتسم الشاشة مع صوفيا لورين وحصل على ثلاث جوائز «غولدن غلوب»، ورشّح لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد في فيلم «لورانس العرب» عام 1962، ليصبح الممثل المصري الوحيد الذي ترشّح لتلك الجائزة.

مات ولم يحضر جنازته أكثر من بضعة فنّانين، بالإضافة إلى بعض الأصدقاء والأقارب. ودّعه الوسط الفنّي وداعاً هزيلاً لا يليق بدوره المشرّف لأي فنّان مصريّ، بل لأي مواطن مصري.
غاب عن الجنازة كثيرون ممن كانوا فقط يتمنّون أن يلتقطوا صورة بصحبة الرجل. غاب جيل كامل من الفنّانين الذين لو سافر أحدهم إلى الخارج، سيقوم بتعريف نفسه بأنه ينتمي إلى الوسط الذي خرج منه عُمر الشريف. غاب عن وداعه أولئك المنهمكون في تصوير مشاهدهم الأخيرة في مسلسلاتهم الرمضانيّة، ولم يفكّر أحد منهم في سرقة ستّين دقيقة من وقته ليظهر أمام العالم أنّ مصر لديها وسطاً فنّياً يحترم كباره ويقدّر رموزه ونجومه.

إعلامي فتنوي
راح يسأل بإلحاح عن الديانة
التي مات عليها

وبينما كان أنطونيو بانديراس، وصوفيا لورين، ويوجين سيمون، وباربرا سترايسند وغيرهم ينعون الشريف بأرق وأجمل الكلمات والتقدير والاحترام، كان هناك من تبعده عن «مسجد المشير طنطاوي» في التجمع الخامس دقائق معدودة بسيّارته، وفضّل وقتها أن لا يذهب. فقد رحل الرجل ولا فائدة ستعود على أحدهم من الظهور أمام الكاميرات لوداعه. وبينما غاب الجميع من بينهم من كان لعُمر أفضال عليه، ظهر محمد عبد الوهاب زوج الفنانة الراحلة فاتن حمامة في صلاة الجنازة، مبدياً الحزن الشديد على الشريف، الذي كان الزوج الأول لـ «سيدة الشاشة العربية».
أما عن الجانب الرسمي في الجنازة، فلم يمثّل أحد مؤسسات الدولة سوى عبد الواحد النبوي وزير الثقافة المصري الذي تقدّم جموع المصلّين على الفنان الراحل.
بينما كان هؤلاء جميعاً ينعونه، كان هناك إعلامي متخصص في قضايا الفتن، لإثارتها لا لمعالجتها، يقف أمام الكاميرات متلقياً اتصالاً هاتفيّاً يسأل فيه بإلحاح مثير للدهشة والاشمئزاز عن الديانة التي مات عليها عُمر الشريف، معللاً سؤاله بأننا يجب أن نعلم كيف ستتم الصلاة والترحم عليه. وقف المذيع الذي يحارب الإرهاب كل يوم حسب وصفة الطبيب ليتساءل أمام عموم الشعب المصري عن ديانة أشهر فنّان مصري في الأوساط العالمية.
هكذا ودّعنا واحداً من سفراء الفن المصري في الخارج، بين الغياب والسؤال عن ديانته قبل أن نترحّم عليه!