تتصاعد الأسئلة والإشكاليات حول مصير التلفزيون وحتى الإذاعة (ضمناً)، في عصر ما زال حائراً بشأن انعكاسات العوالم الافتراضية والاتصالية على المهنة. ومع تسجيل تراجع في سوق الدراما التلفزيونية، بسبب جشع السوق والشركات المنتجة وحتى أصحاب المحطات، ما زالت الإذاعة المكان الأكثر حنيناً وحميمية، لدى العديد من الفنانين/ ات، ومرتكزاً لمقاربة قضايا الناس وهمومهم المعيشية.
على موجة إذاعة «لبنان» (98.1 -98.5)، سيطلق الممثل والكاتب اللبناني عدي رعد، الأسبوع المقبل، برنامجاً جديداً في أول تعاون له مع الإذاعة الرسمية. «صباحو يا جميل»، كوميديا سوداء كتبها وأخرجها رعد، يؤدي بطولتها الممثلان مجدي مشموشي (الصورة) وباسم مغنية. تجربة مختلفة سيخوضها الرجلان، بعدما اعتادت الشاشة الصغيرة على وجهيهما، كبطلين في الدراما المحلية والعربية.
البرنامج الذي نفذ منه 15 حلقة حتى اليوم، ولم يحدد بعد موعد ثابت لانطلاقه، يتناول قصة عاملين في معمل لفرز النفايات. مع كل حادثة تحصل لهما، ينطلق العمل لمقاربة قضية شائكة في لبنان، تتعلق بحياة اللبنانيين اليومية، من قضايا الكهرباء والنفايات، ومشاكل داخل الأسرة الواحدة، والإسراف في الطعام، وصولاً الى موضوع النزوح السوري. كل هذه المواضيع وغيرها، سيتولى الحديث عنها، كل من مغنية ومشموشي، بلغة عامية، تشبه لغة الناس، وأحاديثهم اليومية.
قضايا ستوضع ضمن قالب درامي، مطعم بالكوميديا السوداء ليحاكي أكثر الناس. لكن، ماذا عن القضايا الشائكة الحساسة التي يعتريها جدل واضح وانقسام في الآراء كقضية النزوح السوري، كيف ستتم مقاربتها؟ يجيبنا عدي رعد بأنّ فريق العمل سيتولى الكلام عن هذه القضية، بطريقة «موضوعية» عبر عرض وجهتي النظر السورية واللبنانية، من دون أي تدخل إضافي من قبله.
التجربة الدرامية في الإذاعة، التي تتطلب جهداً إضافياً في العمل، لإيصال الصورة عبر الصوت ومؤثراته، لا شك في أنها تطلّبت مجهوداً واضحاً من مشموشي ومغنية، ليكونا أقرب بأدائهما الى إيصال الفكرة، الى أسماع الناس، بعدما اعتادا لسنوات طوال على اقتران الشق البصري أكان في التلفزيون أو في السينما أيضاً.
ومع كل هذه الخلطة في المواضيع المطروحة، التي تلامس حكايا الناس، واستخدام الدقة في بعضها المثير للجدل، يبقى السقف الذي تضعه المؤسسة لأصحاب العمل، من أجل «دوزنة» أفكارهم وطريقة تناولها درامياً. أمر لا يشكو منه الممثل والكاتب اللبناني، لأنّ إذاعة «لبنان» منحته «سقفاً عالياً من الحرية» على حد تعبيره.