المشهدية الإعلامية الجامعة، التي تكرّست منذ استقالة سعد الحريري من الرياض ـــ باستثناء محطة mtv (الأخبار 11/11/2017) ـــ وأظهرت خطاباً وطنياً موحداً، عادت وأكدته هذه القنوات أول من أمس. إذ قررت عدم نقل مقابلة الحريري مع الإعلامية بولا يعقوبيان، التزاماً بموقف رئيس الجمهورية ميشال عون، على اعتبار أن كل ما يصدر عن الحريري «لا يعكس الحقيقة» بحكم «الغموض المستمر في وضعه».
قرار بدأ مع nbn، وانتهى بـ «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، ولو أنّ الأخيرة لم تصدر بياناً حول قرارها بعدم نقل المقابلة. بل إنّ قناة بيار الضاهر انتظرت اللحظات الأخيرة قبل بدء المقابلة، لتعلِم مشاهديها أن مسلسل «الحب الحقيقي» سيبث بعد نشرة الأخبار. لعلها سابقة في تاريخ التلفزيون اللبناني، أن تتوحد الشاشات المحلية ــ باختلاف أسباب هذه «الوحدة» ــ على مقاطعة بث مقابلة الحريري. ولعلها بذلك غامرت أيضاً بجمهورها، وحتى بمردود إعلاناتها، وهي تعلم علم اليقين بأن الأغلبية ستذهب إما الى «المستقبل»، أو الى mtv، لمشاهدة الإطلالة الأولى لسعد الحريري بعد صمت دام أكثر من أسبوع. غيبّت هذه القنوات نفسها عن الحدث، لكنها، حضرت بقوة ضمن الأخبار العاجلة على الهواتف المحمولة.
صحيح أنّ الحريري اختار الظهور على شاشة «المستقبل» بعدما تعرض للنقد بسبب ظهوره على «العربية» إبان إعلان استقالته، إلا أنّ mtv، اعتمدت على المقابلة، كأنها منجم من ذهب. توجهت في مقدمة نشرة أخبارها أول من أمس، الى من أسمتهم «خصوم الحريري»، لتسألهم: أي مسار سيسلكون بعد الإطلالة؟ وأي تعاط لهم مع الاستقالة من الآن وصاعداً؟ وأضافت أن قرار إنكار الاستقالة «ما عاد يصح اعتماده لحشر السعودية ووضعها موضع الخاطف». تصرفت قناة المر، على أنها «أم الصبي»، والوصية على لقاء الحريري التلفزيوني، فالصيت كان لـ «المستقبل»، كناقل أساسي للقاء، والفعل كان لقناة المر. الأخيرة وصفت المقابلة بـ «الاستثنائية». وقبل هذا الوصف الصاروخي، سرّبت القناة صورة قالت إنّها من داخل منزل الحريري، من المكان الذي ستجري فيه المقابلة. بعدها، تجنّد عدد من العاملين/ ات في القناة، على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما على تويتر، لحشد بروباغندا مؤيدة للرواية السعودية، بأن الحريري ليس رهينة أو سجيناً لدى السلطات السعودية. أعلنت جيسكا عازار بأن المقابلة «ستدحض كل الشائعات التي استهدفت الحريري منذ إعلان استقالته». ولم تلبث مع زملائها وزميلاتها، أن أعادوا تغريد كل موقف يصدر عن الحريري في المقابلة والتعليق عليه.
كذلك فعلت جويس عقيقي، التي «تصدّت» للرد على الانتقادات التي تعرضت لها هذه المقابلة، أبرزها التعليق على الرجل الذي ظهر خلف يعقوبيان، وهو يحمل ورقة للحريري. جزمت عقيقي بأن هذا الشخص هو مرافقه الخاص عبد عرب، من دون أن يكون هذا الأمر حقيقياً.
«ومن باب التنقير» على باقي المحطات، عبّرت عازار عن فخرها بانتمائها إلى محطة «تحترم رئيس الحكومة» عبر بثّ مقابلته. أرادت المذيعة النشيطة أن توجه رسالة الى باقي القنوات المقاطعة بأن ما فعلوه يقلل من احترامهم للحريري! لكن الواقع يظهر خلاف ذلك. هذه القنوات دأبت على مناشدة حقيقية بضرورة عودة الحريري، وأظهرت حرصاً تاماً (رغم الخصومة السياسية ربما مع الحريري) على سلامته الشخصية والعائلية أيضاً.